هل غرقت المدن أم أغرقت؟

السؤال المتداول هذه الفترة على طاولة الخبراء هل غرقت المدن أم أغرقت؟ وللإجابة على هذا السؤال بشكل واقعي لابد من إدراك ومعرفة لما يجري في المدن قبيل أن تغرق أساساً وبعد أن تغرق بزمن طويل أما عند غرق المدن لن نجد سوى تقاذف للمسئوليات بين الجهات المختلفة والتساؤل المزعج للمسئولين دوماً ما هي الجهة التي ستتحمل ويلات غرق المدينة هذه المرة؟.

أن واقع طريقة إدارة المدن قبل أن تغرق المدن هو المؤشر الصادق الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في معرفة ما حدث فعلاً عند غرق المدن ومدى صدق ما تدعيه الجهات المسئولة عبر بياناتها وتصريحات مسئوليها, كما أن حصر الأخطاء وتحميلها لجهة بعينها وتبرئة الجهات الأخرى أثناء الغرق هو دلالة واضحة أننا لم نتعلم من الدروس المستفادة شيء أبداً وما زلنا نبحث عن النجاح المؤقت الشخصي لبعض المسئولين على حساب المدن ونبتعد كثيراً عن إيجاد منظومة المدينة الناجحة والأدهى من ذلك هو أننا نجد من يحث على الاستمرار في تحقيق النجاحات المؤقتة المرتبطة بالأشخاص لا المنظمات فبينما تستمر المدن في الغرق تستمر الجهات بقذف الكرات الملتهبة بينها عل هنالك من يتقبلها ويصمت لتستمر المأساة في المدن ويستمر غرقها كل عام بسبب مختلف ويغيب عنا أننا لم نستفد أو نتعلم من أولى الدروس المستفادة في أولى الكوارث التي حدثت وهو أن نفكر جدياً في إيجاد رؤية جديدة لطريقة إدارة المدن لا تعترف سوى بالواقع المرتبط بالمنجزات على أرض الواقع وتأخذ قوتها من قدرتها على تنفيذ ما يحتاجه ساكني المدينة ضمن أولويات معلنة للجميع ومرتبطة بجميع القطاعات كإستراتيجية شاملة للمدينة يعمل عليها جميع مسئولي المدينة في وضوح تام وشفافية لا أن تركن كل جهة وتتقوقع داخل منظومتها طيلة الفترة قبل غرق المدينة وعند غرق المدينة تبدأ كلا منها في صياغة الخطابات شديدة اللهجة تارة وخطابات تحميل المسئولية تارة أخرى للجهات المختلفة في تلاسن فج لا يعكس القدرة ولا الإمكانيات التي تمتلكها تلك الجهات ولا الخبرة المتراكمة التي لدى القائمين عليها.

أن الواجب يحتم على مسئولي القطاعات داخل المدينة أن يدركوا أن بقائهم جميعاً في مراكزهم الوظيفية مرتبط بنجاحهم جميعاً وبهذا سيتغير التفكير من محاولة التنافس من أجل الإيقاع بالآخرين إلى التكامل من أجل المدينة والسكان وتحقيق النجاح والتنمية المكانية ولكن ما يبدو عليه الحال أننا بعيدون جداً عن التعلم من الدروس الماضية وأبعد من ذلك تحقيق أي نجاح على أرض الواقع وجل نجاحاتنا هي بعض من قصاصات الصحف والمقالات المطنطنة دون واقع حقيقي.

تذكرة مغادرة : يقول الفيلسوف كارل ماركس ” الضرورة عمياء حتى تدرك وعيها , والحرية هي وعي الضرورة ” .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :