المدن بين التاريخ والجغرافيا

حينما يأتي الحديث عن تاريخ المدن فأننا نلتقط ما تبقى لنا من تراث أو آثار ونتعامل معها بشكل منفصل بناء على المدى الزمني الذي تعود له ولكن لنضع ما نقوم به من جهود جانباً ولنظن للحظة أننا نستطيع أن نسافر خلال الزمن ونعود بشريط الزمن ونراه من تلك الزاوية بأن مدننا اليوم هي نتيجة لكل تلك الأزمنة ولكن هل هي فعلاً تعبر عن كل تلك الأزمنة وهل من المطلوب أن تعبر عن كل الأزمنة أم نكتفي بما وصلنا وبما وجدناه أمامنا من بقايا؟

هذا التساؤلات التي طرحتها على نفسي لأبحث عن إجابة مناسبة له وكيف يمكن ترجمة الزمن في حاضرنا اليوم ؟ وخرجت بعدد من الأفكار من أجل ذلك ولكن الأفكار وحدها دون تطبيق لا تساوي شيئاً في نظري ما لم تترجم الأفكار إلى خطة وتنفيذ.

أولى خطوات تلك الخطة هي إعادة تعريف المدن جغرافياً عبر الأزمنة المختلفة ومدى تأثرها بالحقب الزمنية المختلفة من أجل فهم أي مدينة بالطريقة الصحيحة، وبوابة العبور للزمن هي بتسليط الأضواء تجاه ماذا تغير في كل حقبة زمنية وكيف تغير وماذا اكتسبت المدينة مع كل حقبة زمنية وماذا فقدت ؟

تلك النظرة في تاريخ المدن لن تراها مجتمعة في مصدر واحد ولهذا نحن ما زلنا مع كافة جهودنا التي نعمل عليها لم نرى كامل الصورة عن أي مدينة من المدن وما زلنا نرى فقط الجزء الذي أمامنا من الصورة والجزء الذي وصل لنا من مصدر بنائي فقط في أحسن الأحوال أو مصدر كتابي يتطلب توثيقاً جغرافياً وتاريخ إنساني شمولي لا يرى المدن بصفتها مدن بل يراها كأحداث بشرية مرت عبر التاريخ.

البداية الصحيحة هو إنشاء مراكز متخصصة وبحثية تكون رؤيتها هو رؤية ماذا يخبى التاريخ والجغرافيا معاً لأي مدينة من المدن ورسالتها ماذا تغير في المدن ولم يعد له أثر واضح وكيف وصل لنا ما وصل من تراث وآثار وأنا واثق من شيء واحد أننا نعيش اليوم في مدن لها تاريخ وجغرافيا غائبة ومهملة .

تذكرة مغادرة : يقول الشاعر الروماني فيرجيل “يتعب المرء من كل شيء عدا العلم”.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :

نُشِّرْت في 

ضمن

,

للكاتب