سر الموظف الحكومي .. !!

كثير من المقالات والتقارير التي قراءتها سابقاً وتناولت أوضاع الموظفين الحكوميين قفزت إلى النتائج مباشرة بوضع الموظفين الحكوميين في دائرة الاتهام لعدم وجود إنتاجية لبعض الأجهزة الحكومية وألمحت انه السبب في ذلك الفشل الذي يحيط بالإنتاجية لدى الجهات الحكومية دونما أن تتطرق تلك المقالات والتقارير إلى الأسباب التي أدت لتلك النتيجة العامة فعلياً وتتفحصها جيداً فكانت تلك التقارير مليئة بالمغالطات التي تدور في فلك نقطة واحدة مسبقة المعرفة وهي عدم وجود إنتاجية للموظف الحكومي مع أنها غير مثبتة فعلاً فهذه التقارير والمقالات تسوق للوصول لتلك النتيجة للأسف ولم تثبت سوى أمراً واحداً فقط وهو ضعف تلك التقارير عن القراءة الصحيحة لوضع الموظف الحكومي وتغطية العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة عليه للخروج به من القيود العكسية التي قيد بها ويتحرر لتتحقق لتلك الجهات الحكومية النتائج الإيجابية المطلوبة وبالطبع أن تلك النتيجة العامة لفشل بعض الجهات قد بنيت أساساً على أن الموظف الحكومي هو السبب الأوحد لذلك الفشل ولكنها غضت الطرف عن بعض الأمور الأهم في قراءة التغييرات التي تحدث داخل المنظمات الحكومية وتكون سبباً مباشرا في فشل تلك المنظمات.

أن من المذهل حتماً بالنسبة لي أن الموظف الحكومي ما زال باستطاعته مقاومة بيئات العمل السيئة التي يوضع فيها مرغماً باستمرار ومع ذلك تجد الكثيرين يجتهدون في سبيل تأدية المهام الوظيفية المناطه بهم على أكمل وجه وكما إن الإشارة إلى ضعف الموظف الحكومي وإبراز تلك النتيجة بشيء من التشفي أحيانا مع عدم التطرق إلى كثير من الأسباب المؤدية لذلك الوضع يضعنا أمام إشكالية وهي وجوب استيعاب الإبعاد الحقيقية عنها فالحديث عن بيئة العمل الحكومية دون معرفتها بالشكل الصحيح وتحميل تبعات كل تلك الأخطاء على الموظف فقط هو تجني واضح ولكي أظهر بعضاً من الملامح عن بيئات العمل الحكومية فمثلاً الأرقام الخجولة التي تتحدث عن التدريب في الأجهزة الحكومية والتي تقوم عليها جهات إدارية عليا لم يستفد منها الموظف الحكومي فعلياً في تطوير المهارات والسلوكيات الوظيفية كما يجب كما أن وجود العديد من التعاميم والأنظمة والتعليمات التي اعتنت جيداً بتأديب الموظف ومعاقبته ولم يسمع أن هنالك نظام يشكر فيه الموظف الحكومي المتميز وأمر آخر أستغربه فعلاً ما السر وراء بقاء التوصيف الوظيفي في الأجهزة الحكومية المختلفة عنواناً فقط دون واقع فعلي فلا وجود للتوصيف الوظيفي بتاتاً “فالجميع يعمل عمل الجميع” داخل تلك الأجهزة فلربما تكون يوماً مشرفاً إداريا لتصبح بعد ذلك مديرا لمشروع وقد تصبح بعد فترة أخرى مسئولاً عن الصيانة أو قد تكلف بمسئوليات الأزمات والطوارئ دون أن تكون لديك الخلفية الكافية عن تلك الإدارات ومسئولياتها وستطالب حتماً بتحقيق النجاح ولذلك ستجد تضارباً في الآراء لدى موظفي نفس الدائرة حيال موضوع معين فالخلفيات الإدارية السابقة لهم لا تعني شيئا في ظل غياب التوصيف الوظيفي !! إضافة إلى أن بعضاً من الأجهزة الحكومية تفردت بشيء غريب فعلاً وهو تغيير الهيكلة الإدارية لها تلبية لرغبات بعض المسئولين ,, فكيف يطالب الموظف الحكومي بالإنتاجية في ظل عدم الاستقرار الذي يكتنف تلك الجهات.

تذكرة مغادرة : يقول باولو كويلو “إن الوسيلة الوحيدة لاتخاذ القرار الصحيح هو الاعتراف بالقرار الخاطئ ” .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :