لسنا سوى بشر نخطئ ونصيب نمزج افراحنا مع أحزاننا ونتعايش معها لا نتعلم من الزمن والاحداث سوى القليل منها , ولكننا نعلم يقيننا أن اوقات السعادة لا تدوم طويلا وأن أوقات الاحزان نجترها بثقل معنا أينما نرحل وحينما يحدث فجأة ان نستذكر السعادة لا يتحرك فينا شيء سوى ملامح تعابيرنا برسم ابتسامة شاردة باهتة تظل قليلا ثم ترحل بعيدا الى لا عودة ملامح قد أعياها الكثير بسببنا فهكذا أعتدنا ان نعتصر قلوبنا في الحزن جيدا دونما رأفه بأنفسنا ولو قليلا فنحن لا نتعايش مع صراعاتنا الداخلية أبدا , نركض الى أي خصومة خارجية تلوح أمامنا لتشغلنا عن ذواتنا فنحن نركض بلا هوادة الى سراب بينما نترك كل ما نريده بداخلنا يتشكل استفهامات وتعجبات تمتلئ بها زوايا أرواحنا لم نتأمل أننا دوما ما نظن سوءا بأنفسنا وبما سيحدث مستقبلا نعيش بترقب نحاذر ونحذر فلم ندع للعفوية والتلقائية في أنفسنا مجال يذكر .
أضفنا الى صعوبة العيش في هذه الحياة عوائق لأنفسنا وللآخرين من حولنا بسوء ادارتنا لقلوبنا وعقولنا فشوهنا جماليات كثيرة فنستلهم من حزننا ونبعثه كل مرة لنمارس دورا حزينا مؤلما لا نخرج منه بشيء .
يقول الشاعر المصري أبراهيم ناجي في قصيدته المشهورة الاطلال
أيها الشاعر تغفو تذكر العهد وتصحو *** واذا ما التئم جرح جد بالتذكار جرح
فتعلم كيف تنسى وتعلم كيف تمحو *** أو كل الحـــب في رأيــك غــفــران وصــفــح ؟
لنتصالح ونصفو ونتسامح مع أنفسنا أولا وننسى الالم الذي نبعثه دوما في قلوبنا فكلا منا قد تألم بما يكفيه من لوعة في الفقد أو حرقة للاشتياق او البقاء وحيدا منطويا على نفسه أليس يقول شاعرنا في قصيدة أخرى اسمها : الحياة
أنظر الى شتى معاني الجمال *** منبثة في الارض أو في السماء
الا تـــــــــرى في كل هـــــذا الــــجلال *** غير نــــذيــــر طــالع بالفـــنـــــاء
نحتاج الى جرعات مكثفة من الأمل والى ان نستحضر السعادة الداخلية الحقيقية بأن تبقى دونما رحيل فكل ما على هذه الدنيا سيفنى وسيختفي كما أختفى السابقون منها وسيترك كلا منا أرثا فليست الاموال والاملاك ما تبقى ولكنها مشاعرنا وسعادتنا تجاه أنفسنا والآخرين وأي تأثير رائع نتركهم به .
وختاما فهذه الابيات تعني دوما الكثير وهي من قصيدة الاطلال:
يا حبيبي كل شيء بقضاء *** ما بأيدينا خلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا ذات *** يوم بعد ما عز اللقاء
فإذا انـــكــــر خـــل خـــله *** وتلاقينا لــــقاء الـــغرباء
ومضى كل الى غايته *** لا تقل شئنا ,وقل لي الحق* شاء !.
