لا تذهب بعيداً لست أقصد تلك المشاريع المتعثرة والتي اقتضت عمراً من مدننا ومنا والتي دوماً ما يعلن عن أسباب تعثرها بشكل عام دون إيجاد حلول حقيقية فاعلة لها, فما قصدته ليس مشروعاً أضافياً يضاف إلى تلك القائمة المترهلة بل أقصد تلك المدن التي تركض خلف مستقبل مبهم جداً لا واقعي جل مشروعاتها المستقبلية عبارة عن صور ومقاطع تخيلية ومجسمات وتصاميم وتطورات على الورق وبيانات إعلامية ومؤتمرات صحفية دون واقع حقيقي لها, فهي في الحقيقة غائبة عن المشهد تماماً وبعيدة عن الواقعية وكلما أريد لها العودة إلى الإحساس بوجود مشكلات عميقة في المدن يحدث أن تبدأ الحديث عن مشروعاتها الكبرى التي لا هدف واضح من ورائها فهي مقلقة للمستفيدين ومضجرة للمتخصصين هي حالة حالمة مزعجة جداً فمع كافة الإمكانيات التي أتيحت لها لم تستطع تدارك الواقع الحقيقي للمدن والعمل عليه والذي يفرض أن تكون لكل مدينة توجه محدد معلن مسبقاً وعنصر أكثر تأثيراً من العناصر الأخرى تعمل لأجله كافة القطاعات تعزيزاً لذلك التوجه وحتى لا تستأثر بنا الأحلام عن المفترض عمله لنعد لبدايات تلك المدن ونتساءل عن التعثر الذي صاحبه ونسأل كيف لعامل أثر سلباً على مدننا ولفترات طويلة أن يكون هو ذات العامل الذي سيحقق النجاح والإنجاز وإذا كانت بعضاً من المدن تعثرت وهي في مسار النمو جراء نقص معلومات وضعف تحليل فما الذي يجعلنا نصدق اليوم أن مستقبل المدن سيكون أفضل ونحن ندرك تماماً أن ذلك النقص ما زال موجوداً وضعف التحليل واضح وغياب العديد من المفاهيم حول المدن وتطورها حاضراً بقوة.
الواقع ببساطة يقول أننا سندرك أن المدن استطاعت امتلاك المعرفة والمعلومة والقدرة على تحليلها حينما تستطيع السير على أرصفتها وتجد أنها قد حققت معيار الإنسانية فيه ولتكون تلك الخطوة البسيطة هي أعظم خطوات التطور لها وأما قبل ذلك فتجاهل كل تلك الدعايات عن التطور لتلك المدن فهي حالة حالمة بكل تأكيد ومن أجل قضاء الوقت استمتع بمشاهدة استبدال الأرصفة بأخرى من أجل تجديد ألوانها.
تذكرة مغادرة : يقول الفيلسوف أفلاطون “ محك الرجال صغائر الأعمال ”