تمكين المهندس السعودي

استيقظوا ,, حقيقة أن المهندس السعودي يواجه الكثير من المعاناة لم تعد خافية وقد أصبح الكثير منهم يعبر عن ذاته بأنه مجموعة من القضايا الشائكة والمتناقضة والمعقدة في آن معاً تلك المعاناة المستمرة يحلو للبعض اختصارها بقضية واحدة فقط وهي موضوع الكادر الهندسي وما يحمله من وعود جميلة لهم والبعض يدعي بأنه بحل قضية الكادر الهندسي ستحل كل القضايا التي يعاني منها المهندس السعودي !! فهل ذلك معقول !!.

يعتبر البعض معاناة المهندس السعودي طاغية في جانب واحد ولا يعلمون أنها من عدة نواحي يظهر على السطح منها الكثير ويظن البعض من خارج دائرة الاهتمام أنها مالية فقط أو تأهيل وتدريب والحقيقة أن معاناة المهندس السعودي عميقة ومتشعبة لا تتوقف عند أمر واحد فهي تشتد عليه كلما أصبح أكثر ممارسة وخبرة, تطاله تلك المعاناة عند تسلمه وثيقة التخرج ولا تتركه أبداً وسأكتب عن جانب واحد من تلك المعاناة وأعتقد أنه أساس جزء كبير من تلك المعاناة الشائكة فأقسى ما قد يواجهه المهندس أيا كانت سنوات خبرته خاصة الذين يهتمون بمهنة الهندسة هو عدم تمكينهم من الممارسة المهنية الفعلية أيا كان موقعه سواء كان يعمل في القطاع الحكومي أو الخاص أو كان يعمل لحسابه الشخصي ستجد أنه في كل موقع محارب بشكل مستمر وبطرق مختلفة في سبيل عدم وصوله للغاية التي ينشدها كل مهندس مهني وهي تقديم التطور للمجتمع والمساهمة بجعل الحياة أكثر يسراً وسهولة والاستفادة من الآخرين وتطوير خبراته ومعارفه.

يبقي الكثير من المستفيدين من بقاء تلك المعاناة وعدم تمكين المهندس السعودي الأمر على وضعه الحالي إما تحت بند المحافظة على المكتسبات القائمة على المهندس الأجنبي وفي ذلك أجد الكثير من الحيرة لأنه قد لا يختلف هنا سوى الجنسية التي يحملها المهندس مع تشابه في سنوات الخبرة ومستوى المعرفة أو قد يكون سبب تلك المعاناة هو التشكيك المستمر بمهنية وخبرة المهندس السعودي وحتى لا أجد العذر لزملائي المهندسين فليس الجميع على نفس الدرجة من الاهتمام نحو التعامل بمهنية أو أن يكون ذلك الأمر هو الهم الأول لهم تجاه تطبيق الممارسات المهنية, فالبعض منهم بدل أن يشكل درعاً للوقاية من تلك المعاناة لنفسه ولزملائه فضّل أن يبتعد كلياً عن الشأن الهندسي لتكون علاقته بالهندسة قد انتهت عند تسلمه وثيقة التخرج وهؤلاء ليسوا بنسبة بسيطة أبداً ولكن لنبحث عن الأسباب الحقيقة وراء ذلك الأمر وما السبب في عدم تمكين المهندس السعودي من مهنته هل هو الخلل في الأسس ابتداء بمخرجات الجامعات والكليات الهندسية والتي يقوم عليها العديد من الأكاديميين الذين قد يحدث أنهم لا يسمحون بل ويصادرون أحياناً حق الرأي المهني لطلبة الكليات الهندسية أو لربما أن المهندس السعودي مطالب بأن يؤهل لمواجهة سوق العمل حتى يقَنع به الآخرين والذين يتعمدون الحديث عن المهندس بالسوء لأنهم لا يملكون الرغبة لتأهيله وتطوير إمكانياته وتأجيل الاستفادة المباشرة منه إلى سنوات عدة أن بقي متحملاً غياب التطوير والتدريب والتأهيل والممارسة طيلة تلك السنوات أو ربما لأن ثقة بعض المكاتب الهندسية في المهندسين حديثي التخرج ليست مهزوزة فقط بل تكاد تكون معدومة وقد يكون كل ذلك بمباركة الأنظمة والتشريعات التي تصدرها الجهات المختصة لتنظيم سوق العمل الهندسي والتي تهتم للأرقام دون الحقائق على أرض الواقع وإضافة إلى كل ذلك يبقى أن البيئة الهندسية بكاملها تميل كثيراً إلى تحقيق رغبات فئة من المهندسين على حساب فئة أخرى هي فئة المهندس الفرد عوضاً على أنها أحياناً تكون منحازة كلياً خاصة مع غياب المهندس السعودي الفرد تجاه معرفة حقوقه وواجباته سواء تجاه البيئة الهندسية أو تجاه زملاءه مما جعل المهندس السعودي الفرد هو أضعف مكونات البيئة الهندسية وأقل الأصوات حضوراً ودفاعاً عن مصالحه المشروعة علماً بأن تطوير المهنة الذي يدعيه الجميع قائم بالأساس على تطوير المهندس الفرد.

أن المأمول هو التعامل مع المعطيات الحالية والواقعية وتحسينها ولكن الواقع يقول أنه لن يتمكن المهندس السعودي من ممارسة المهنة وتطويرها لأن صوت المال والربح والخسارة هو الصوت الذي ما زال يلقي بثقله على سياسات البيئة الهندسية ومكوناتها المختلفة دون أن يكون هنالك حضور للدور المهني المعتمد على وجود ممارسة مهنية وما سيغير ذلك هو إيجاد توجه صريح ومعلن يشمل جميع القطاعات المرتبطة بمهنة الهندسة لنحو تكون فيه جميع أهداف استراتيجيات البيئة الهندسية هي تفعيل وتمكين وتطوير المهندس الفرد أولاًً.

تذكرة مغادرة : هنالك مثل يوغوسلافي يقول ”حتى الجرس ليس له دوماً الصوت نفسه “ .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :