التقليد لا يصنع المدن !!

تكرس العديد من الجهات العاملة في القطاع البلدي في تطوير أداء القطاعات البلدية محاولة للحاق ببعض المدن الحديثة التي حققت نجاحات باهرة على مستوى العالم والمدهش فعلاً أن تصبح تلك المدن الحديثة هي محط الأنظار لكثير من المقارنات والأفكار والمشاريع والمثير للدهشة أكثر أن المدينة التي تحمل أرثاً وتجربة أعمق لم تستطع التقدم أو المجاراة بل أن البعض منها في محاولات جادة إلى وضع أفكار مقلدة ومقتبسة من كل أنحاء العالم على مبدأ “لعل وعسى” !! ولكن كل ذلك سيعود عكسياً على المدن لأن الأفكار المقتبسة والمقلدة هي بالأساس نتاج تجارب مرت بها تلك المدن وتطورت الفكرة حتى أصبحت ناضجة وأصبح ساكني المدينة كذلك تجاه تلك المشاريع والسؤال الفعلي هنا إذا كان الوضع كذلك فما هو الحل أذن ؟؟.

لعل الحل الأمثل لن يكون متاحاً وقت التطوير ولكن الحل الذي نمتلكه هو أولى من انتظار الحل الأمثل فهو أولاً يبدأ من إفصاح المسئولين في المدينة تجاه العديد من الرؤى الخاصة بهم والمختلفة نحو نوع التطور المنشود والمراد تطبيقه ومن ثم تحديد الأطروحات المناسبة للمدينة والقابلة للتطبيق ضمن منهجية عمل متسارعة مع الابتعاد كلياً عن الاقتباس أو التقليد من مدن أخرى لمن لا يملك رؤيا واضحة من المسئولين لما يجب أن يتم عمله ومن ثم تحقيق رغبة المجتمع المحلي في الاستماع له وتمكينه من المشاركة في إتخاذ القرارات بحيث يكون مصوباً للبدائل المقترحة للتطوير علماً بأن تلك الخطوة ستسرع من إيجاد ثقافة جديدة للتطوير داخل المدينة يجعل التطوير فيها متوافقاً مع رؤى ووجهات الجميع سواء المسئولين أو المجتمع المحلي ومن ثم الاعتماد بعد ذلك وبشكل كبير على تسريع مراحل التطوير في المدينة عبر تحقيق التحسين المستمر لها, كما أن هذا الحل ليس الأمثل كما ذكرت ولذلك لابد له أن يحتاج إلى إدارة وإرادة عبر قيادة متمرسة ومرنة تمتلك من الخبرات الإدارية والبلدية الكثير ومن المهارات والقدرات الشخصية العالية جداً بحيث تستطيع اتخاذ القرارات المناسبة التي تخدم المدينة بشكل يتوافق مع النموذج المراد لتطور المدينة سواء كان من ناحية المسئولين أو المجتمع المحلي كما أنه يجب أن تكون تلك القيادة مرنة بحيث تستطيع الاستماع والإنصات لكافة الآراء دون حساسية مفرطة تجاه النقد وتستطيع مناقشة الرأي المختلف معها وكذلك يجب أن تملك المهارات اللازمة للاستفادة من تفعيل الدور الإعلامي بشكله الصحيح نحو طلب مشاركة المزيد من الجمهور المتخصص على إعتبار أنهم جزء من الحل تجاه تطور المدينة لا أن تضعهم ادارة المدن كعامل هامشي ملزم بأن يتجاوب ويتوافق مع ما تراه القطاعات دون أن يكون له رأي.

تذكرة مغادرة : يقول روبرت فروست : “ العالم عامر بالمستعدين، فالبعض مستعد للعمل والبعض الآخر مستعد لأن يتركهم يعملون ”.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :