الحي العشوائي منطقة جذب سياحي!

الأحياء العشوائية أو الشعبية في المدن تعتبر للكثير من إدارات المدن وبلدياتها مصدر إزعاج وقلق ونقطة ضعف ابتليت بها المدن عبر مراحل زمنية غابت فيها الرقابة على عمليات البناء العشوائية حتى أضحت بوضعها الحالي وبدأ بعدها مسئولي تلك الإدارات في محاولة لتفكيكها وتدميرها على افتراض أن ذلك الحل هو الحل الأمثل ولكنها دوماً تصطدم بنتيجة واحدة هي عدم نجاح تلك الأفكار بالشكل المثالي المرسوم له على الورق!!.

الأحياء العشوائية أو الشعبية مسالة حساسة للغاية ولا يجدي معها نفعاً الحلول البسيطة والمتكررة التي تتعامل بها إدارات المدن من خلال محاولة تلطيف الصورة الخارجية دون التدخل بعمق الى مكونات الحي الشعبي أو العشوائي سواء اجتماعيا أو بشريا أو اقتصاديا وقد يكون ذلك أساس المشكلة التي تعاني منها تلك الأحياء ولكن لو أعدنا النظر لتلك الأحياء على اعتبار أننا نريد منها أن تكون مناطق راقية جداً ومحفزة للسكن بداخلها وباعتبارها ضمن عناصر الجذب السياحي للمدينة ونقاط القوة التي يتسم بها النسيج العمراني للمدينة بل وقد تكون أحياء ذكية ومتطورة كل ذلك يضعنا أمام تحدي عظيم, لأن تلك الأحياء العشوائية حقيقة تملك من عناصر القوة ما يغفل عنه الكثير من مسئولي تطوير المدن والجميل أن تلك الأحياء مهما كانت النظرة تجاهها فهي في الواقع تستحق التأمل فعلاً ومحاولة المعالجة لمشكلاتها بطريقة مختلفة وقد يكون ذلك فرصة عظيمة لمن يريد العمل على تطوير الأحياء الشعبية أو العشوائية من أجل صالح المدينة والمجتمع خاصة لا من اجل عائد اقتصادي أعلى, فإذا ما كان التطوير والتحسين لتلك الأحياء الشعبية هو باستثمار مواردها الحقيقية الموجودة بها دون الحاجة لإزالتها بالكامل ففرص الارتقاء ستكون بها عظيمة جداً بل قد تكون فرصة ذهبية لا تتكرر لجعل تلك الأحياء الشعبية مقصداً سياحياً وذلك عبر عمليات تطويرية مستمرة وعميقة جداً من خلال التحسين والتطوير في المناطق والأحياء العشوائية أو الشعبية ويجب أن يلامس ذلك التطور مجتمع الحي أولاً ويستمر من خلاله دون أن تطالبه تلك التحسينات بأمور لا يستطيعها ولا يرى أهميتها بشكل فعلي.

ستحقق تلك النظرة المختلفة تجاه الأحياء العشوائية أو الشعبية نفس الاهداف التي بني على أساسها ومن أجلها غالبية أفكار تطوير العشوائيات والتي لم تخرج أبداً عن جعل كل حجر مبني فيها ضمن كومة دمار ومن ثم تعويض ساكنيها بالمقابل المادي الذي يراه الكثير من ساكني تلك الأحياء العشوائية أنه لن يعوض سوى جزءاً يسيراً مما يملكونه فعلياً داخل تلك الأحياء العشوائية والشعبية ويعلمون أن ذلك التطوير لم يلامس احتياجاتهم فعلياً ولمن يكن من أجلهم.

أن إعادة النظر في قضية الأحياء الشعبية والعشوائية ومشاكلها الشائكة أمر مهم خاصة وأن فرص التطوير والتحسين قد تقدم للمدن التي بها أحياء عشوائية خدمة مستقبلية ذهبية قد لا تعوض اذا ما استمر التفكير نحو اتجاه واحد فقط هو الإزالة لا غير والبناء الحديث كأي جزء آخر من المدينة.

تذكرة مغادرة : يقول الكسندر بوب :”من يكذب مرة ، لا يدرك قدر الورطة التي أوقع نفسه فيها ، إذ عليه أن يخترع عشرين كذبة اخرى للحفاظ على هذه الكذبة“ .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :