العمل الحكومي والتحسين المستمر

الكتابة عن أخطاء العمل الحكومي والملاحظات الكثيرة عليها والتوقف عن تلك النقطة لا تعتبر منطقية من وجهة نظري فتقديم المشكلة دونما التطرق إلى الحلول يجعلنا جزء من المشكلة لا الحل وهذا ما لا أرغب بأن أكون جزء منه ولكن بعض الحلول والرؤى والتي امتلأت بها التقارير السنوية أو النصف سنوية وأوراق العمل التي قدمت في المؤتمرات والندوات وورش العمل والملخصات والمطالبات المتكررة للمستفيدين ولكنها تظل حبيسة الأدراج ولم تكن جزء من مشروع تطويري فالكثير من الوزارات والهيئات والإدارات الحكومية يفترض بها أن تدعم دوائر التحسين المستمر ضمن منظومتها الوظيفية ومع الجهات المرتبطة بها دوما فالتحسين ليس عملية مرتبطة بالأخطاء البشرية فقط بل التحسين عملية أكثر استمرارية ترتبط بالنجاح ولكن الكثير من مسئولي هذه الجهات أصموا آذانهم عن سماع المقترحات والتطويرات والمطالبات وفي أحسن الأحوال جعلت منظومة اقتراحات ورقية أو الكترونية واعتبارها “متنفسا” أصبحت معه النظرة السائدة بين المجتمع “لعل وعسى أن يكون هنالك من يقرأها ويبادر إلى تبنيها” ومع ذلك لم يوفر لها الحد الأدنى من المتخصصون للتطوير الإداري والفني ليعملون على تطوير هندسة الإجراءات فالحلول لكثير من مشاكل القطاعات وإدارات الجهات الحكومية تمتلكه الجهات ذاتها ولكنه قصور في الرؤية والإدراك لما تمتلكه هذه الجهات من بيانات ومعلومات والحل هنا هو التحسين المستمر والإبداع وهو القمة الأعلى الذي لم يتحقق الوصول له سوى لجهات قليلة جدا وبتردد كذلك وكما عملت جهات أخرى على نطاقات ضيقة في توفير المعلومة فقط وبشكل سريع ولم يمس هذه التعديلات من تحسين التعاملات فما زال الكثير من هذه الجهات يتلكأ في قبول عملية التحسين والإبداع ويعتبر مهمته هامشية مع أهميته كجزء حقيقي من منظومة العمل الإداري ضمن هذه الجهات  .

ولذلك فأن التعقيد في الإجراءات مع عدم وجود عمق لتمثيل البيانات بشكل يسمح من معرفة مكامن الخلل والفرص والتحديات لكل جهة أو قطاع يجعلنا نستمر في دائرة منغلقة لا ينفك انغلاقها سوى من الخارج الأقوى منها فتوفير هذه البيانات في واقع الحال لا يعبر عنه سوى بمصطلح “تصفيط ورق” فالكثير من الجهات الحكومية تلزمك ببيانات ومعلومات هي بالأساس مدرجة لديها أو لدى جهة أخرى مماثلة لها ولكن عدم وجود رؤية لأهمية ربط الجهات الحكومية ببعضها ومفهوم التنافس الغير صحي بينها سيجعل الكثير من مبادرات هذه الجهات بأن تكون عديمة الجدوى مستقبلاَ .

أن تساوي الحقوق والالتزامات على كل الجهات تجاه المستفيدين والالتزام بالمسئوليات والواجبات أمر حتمي ولكنه كذلك لابد وان يراعى التطوير والتحسين المستمر وقبول الإبداع كمنهجية عمل فأختلاف التزام الجهات وتطبيقها حينا وتسهيلها حينا آخر سيتسبب في سوء فهم للأنظمة لدى المجتمع وسينظر لها أنها “فساد محض” ولذا فأن الأولى من ذلك كله أن تبدأ الجهات الحكومية بإنشاء وحدات عليا ترتبط بقمة الهرم الإداري في كل جهة وتكون معنية بالإبداع وتكون مهمتها دراسة احتياجات المستفيدين وطلباتهم التي تخص الجهة والبدء في إعداد أنظمة تتسم بالبساطة والتنوع والواقعية وقبول التطوير والتحسين والإبداع .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :