لابد وأنك مثلي قد مرت عليك يوما قصصا مختلفة عن سقوط الأطفال أو كبار السن أو سقوط مركبات كاملة بمن فيها في أحدى الآبار أو الحفر الكبيرة ولابد أنك تعلم عن الوقت المضطرب الذي يصاحب عمليات الإنقاذ والتكهنات والشائعات الكثيرة التي تلازمها والفترة التي تستغرقها عمليات البحث والحفر والإنقاذ في تلك الآبار والشكوك والتشكيك في كل شيء والذي غالباً ما يكون مصدره عدم فهم كثير من عامة الناس بإجراءات التعامل المتبعة في مواقع الإنقاذ من قبل جهات الاختصاص وبالتأكيد أن لكل قصة نهاية تصل لها فأما تنتهي بشكل مؤلم للجميع أو بفرحة عارمة ولذلك نحن دوما ما نخطئ في التعامل في حالات وأحداث مفجعة كهذه بأن تتفطر لها قلوبنا لتكون لنا ردود أفعال قوية في غير موقعها الصحيح ولكن وبنهاية القصة سرعان ما تذبل وتنتهي ردود الأفعال الانفعالية تلك وننسى أو قد نتجاوزها قليلا لنتأثر مرة أخرى حينما تحدث وتتكرر وكل ذلك دون جدوى منها فالأهم هو أن لا تتكرر تلك المآسي مرة أخرى وحتى يكون لردة الفعل العكسية التأثير الصحيح وبشكل أقوى ردعا وردا للخطر الكامن في حالتنا هذه عن الآبار ووضع حلول نهائيه لمشاكلها ولذلك فأنني آثرت أن أتحرك في ذلك الاتجاه والذي رأيته صحيحا وبأن أقوم باختيار منطقة دراسة محددة وزيارة لعدد من الآبار فيها آملا أن أرسم طريقا تكون نهايته أن لا تتكرر مأساة السقوط تلك لأحد مستقبلا ولذلك فقد قمت بزيارات متعددة لعدد من الآبار للوقوف على الوضع الحقيقي لها وعن الخطر المحدق الذي ينتظر كل من يقترب منها من كبار سن أو أطفال وما لاحظته من مدى اهتمام أصحاب تلك الآبار بأن تكون آبارهم آمنه من عدمه وكذلك ما رصدته عن بعض الانهيارات التي تصاحب عمليات الحفر سواء كانت للآبار أو لسواها من مشاريع وخدمات مختلفة وأقترح بناء على شاهدته ورصدته بأن يتم تحديد إجراءات السلامة لعدة مراحل كالتالي ( عند بدء الحفر , قبل بدء الاستخدام , أثناء استخدام , بعد الانتهاء منها وانتفاء الحاجة لوجودها) وأن تشمل إجراءات السلامة تلك جوانب متعددة بحيث لا تكون موجهه للحماية من السقوط فقط .
معايير السلامة في الآبار
فقد لاحظت تباينا في وسائل الحماية المستخدمة والتي لا يمكن اعتبارها كوسائل للسلامة الا إنها حلول بدائية قد تفيد في أوقات محددة لكنها تبقى الخطر موجوداً في أوقات أخرى وتلخصت حالات الآبار التي تم الوقوف عليها كالتالي :
– آبار عادية محاط جوانبها بالحجر او الإسمنت ولا يوجد عليها أي وسائل حماية ومستوى البئر في نفس مستوى الأرض وذات أعماق مختلفة .
– آبار عادية ومحاط جوانبها بالحجر أو الاسمنت وترتفع في حدود أقل من المتر عن مستوى الأرض وذات أعماق مختلفة .
– آبار ارتوازية ذات أعماق مختلفة محاط جوانبها من الداخل بقالب حديد وترتفع عن مستوى الأرض من (30/40)سم.
– آبار ارتوازية عميقة محاط جوانبها من الداخل للأمتار الأولى بقالب حديدي وبنفس مستوى الأرض مع وجود بعض الأشجار القديمة مع وضع إجراءات احترازية بسيطة مثل وضع بلك البناء على أطراف البئر للتنبيه .
وأتضح لي أن أفضل حالات الحماية التي وجدت حول الآبار هي تواجد شبك حديدي (غير مثبت) أعلى البئر ,وأقترح على الجهات المختصة المسئولة عن السلامة في الآبار بأن تتم معالجة الوضع القائم بعدة إجراءات كالتالي :
-إنشاء نظام رصد جغرافي للآبار (نظم المعلومات الجغرافية) يرتبط بالجهات المعنية وتشرف عليه أمارات المناطق من خلال المحافظات والمراكز الإدارية التابعة لها.
-إعداد تطبيق للأجهزة الذكية للاستفادة من بلاغات المواطنين والمقيمين لمواقع الآبار القديمة والمهجورة .
-أن يتم ردم الآبار (الجافة) والغير مستخدمة مع تسوية الأرض تماماً مع تحديد مواقعها على طبقة خاصة من نظام المعلومات الجغرافية.
-إحاطة الآبار القائمة ببناء من البلك للحماية بارتفاع مناسب حددته بارتفاع (120)سم وتغطية السقف بالشبك الحديدي المعد لذلك بحيث يكون السقف ذو فراغات مناسبة غير نافذة للأجسام في حدود (5)سم وأن تكون من النوع الذي لا يسمح بالجلوس أو السير أعلاه .
أما ما يخص إعداد معايير للسلامة في الآبار فأنه يلزم التالي لبناء مثل تلك المعايير :
– زيارة عدد من أكبر من الآبار في مناطق مختلفة من المملكة العربية السعودية للوقوف على الإجراءات المتبعة بكل منطقة .
– إعداد ورش عمل بحضور أصحاب الاختصاص من المهندسين والمهتمين بالسلامة وبعض أصحاب الآبار للخروج بحلول ومعايير مقترحة كمعايير سلامة تطبق على الآبار الجديدة .
