تحليل القوام الإنشائي في التراث العمراني

يعتبر القوام الإنشائي للمبنى أحد أهم العوامل الثلاثة المؤثرة في الفن المعماري إلى جانب عاملين آخرين هما التكامل الوظيفي والعنصر الجمالي فبهذه العناصر الثلاثة تتمكن أي فكرة معمارية من النجاح والإبهار ولكن من يملك سر هذه العوامل الثلاثة فهي ليست سوى محصلة لخبرات متراكمة وتجارب متكررة .

الجدير بالذكر هنا أن هذه العوامل الثلاثة مجتمعة ومتجانسة تبقى أحد أسرار بقاء المباني التراثية من زمن إلى آخر وهي ذاتها العناصر والمؤشرات الحقيقيه التي تساهم وبشكل كبير بالاحتفاظ بالتراث العمراني حول العالم وتقف خلف استمرار وجوده مع الزمن في ظل التأثيرات المختلفة على التراث العمراني والتي منها التأثيرات الطبيعية أو المناخية أو التي يكون خلفها تدخل أنساني مباشر .

واختياري للكتابة عن أحد العوامل الثلاثة فذلك لإيماني بوجوب الاهتمام بمثل هذه التفاصيل الدقيقة خاصة من قبل المتخصصين في التراث العمراني وقد آثرت الحديث عن عامل القوام الإنشائي في التراث العمراني وبالأخص عملية تحليله ودراسته والسبب وراء ذلك الاختيار يعود إلى غيابه تماما عن الاهتمام سواء من قبل المتخصصين أو المهتمين بالتراث العمراني ولما أجده من افتقار واضح في الدراسات العمرانية وكل ما يكاد يذكر عنه لا يتجاوز أن يكون قد أورد بشكل عرضي ضمن دراسة ما أو بحث أو تقرير ولم يتعمق في دراسته على حد علمي حتى الآن .

أن التعمق في دراسة القوام الإنشائي للمباني التراثية وتحليلها وتطويرها ومحاولة الاستفادة منها له أهميته القصوى سواء في التعرف على طرق المحافظة على المباني التراثية أو في تطويرها والاستفادة منها بصفتها أرثا حضاريا وعمرانيا خاص بنا وكذلك لما يمارسه بعض منفذي عمليات الترميم والإصلاح مع عدم معرفة كاملة بحجم التأثيرات التي تحدث على القوام الإنشائي للمباني التراثية أثناء عمليات الترميم أو الصيانة المختلفة مما يفقد الكثير من المباني التراثية بعض أهم خصائصها أو قد يتسبب في انهيارها جراء هذه الإصلاحات فالتراث العمراني كنز يجب التعامل معه بحذر فإذا ما فقد فأنه من الصعوبة أن يتكرر ولذا لابد من التدقيق في مسألة تحليل القوام الإنشائي للمباني التراثية ودراستها بشكل مفصل لأنها نقطة ارتكاز هامة جدا في عملية المحافظة على المباني التراثية وحتى لا تتسبب أعمال الترميم والصيانة في الإضرار بالمباني كما حدث فعلا في أكثر من تجربة سابقة لا يسع الوقت لسردها ولا يبدو الأمر حتى اليوم باعثاً على التفاؤل جراء بعض الإجراءات الغير مسئولة حيال المحافظة على التراث العمراني فالمدى الزمني على سبيل المثال لأي مبنى يعتبر عاملاً مؤثراً على القوام الإنشائي وما زال هذا العامل غير مدروس حتى الآن وكذلك التأثيرات الطبيعية أو المناخية أو الإنسانية المختلفة ولهذا وجب التنبيه بذلك لأهمية مثل هذه الدراسات لنا وحتى تكون مقننة وشمولية أكثر وتفصيلية ومخصصة بشكل آحادي لأي مبنى تراثي يراد تطويره أو الاستفادة منه أو المحافظة عليه فالتراث العمراني هو حصيلة حضارات أزمنة متعددة وجب أن يتعلم منها ويضاف عليها علوم عصرنا وتحسيناته دون الإضرار بها  .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :