نمذجة معلومات المدن

لا يبدو الأمر غريباً كلياً على مخططي المدن من الاستفادة من التقنية والبرامج الحاسوبية خاصة بعض المهام المسئولين عنها والتي تتطلب جهداً كبيراً في التحليل من أجل اتخاذ القرار السليم المبني على ضوء المعلومات المتوفرة ومع توفر المعلومات تزداد عملية التحليل تعقيداً لتكون النتيجة قرار أكثر دقة وشمولاً وتأثيراً ولذلك يبقى السؤال المهم متى سيكون هنالك نمذجة لمعلومات المدن؟ بحيث تعطي المعلومات بشكل أكثر دقة وتفصيلاً لينتج عنها بيانات وخرائط ومعلومات وقرارات أكثر فاعلية وكفاءة وقدرة على تحقيق التطلعات.

أن ما تحاوله العديد من القطاعات بكل أنانية هو إخفاء ما تملكه من معلومات عن قطاعات أخرى سواء كانت مرجعيتها الإدارية أو موازية لها في الأهمية أو تقديم معلومات خاطئة ومتضاربة لا تكشف حقيقة الوضع الراهن وفي أحسن الأحوال لن تخرج المعلومات المقدمة من تلك الجهات عن قصور ما في نوع البيانات المطلوبة مما لا يمَكن الجهات الأخرى من الاستفادة من المعلومات المقدمة ولذلك تبقى جميع الخطط والمشاريع لغالبية القطاعات في طي النسيان أو التعثر في أحدى مراحلها لأنها لم تبنى على الواقع الصحيح وعلى معلومات صحيحة مفيدة.

المصدر الحقيقي للتطور في المدن المستقبلية مكرس نحو التخيل والذي يتحقق عبر نمذجة معلومات المدن لكونها المرحلة المتقدمة المنتظرة الذي يجب أن تسهم فيه جميع الجهات والقطاعات الرسمية والخاصة من أجل الدفع تجاه تطور المدن وتلافي أخطاء التطوير أو القصور البشري والتطور الذي ننشده للمدن هو تحقيق حق المكان والزمان في أي جزء من المدينة ويبدأ ذلك من اعتبار أهمية للفراغ بإبعاده المختلفة أفقياً ورأسيا واحترام الطبيعة والتعامل مع الواقع سواء كان ذلك الواقع جغرافياً أو بشرياً كما أن نمذجة معلومات المدن تحقق التكامل الذي ينشده الجميع في تكامل الأدوار والصلاحيات والمسئوليات ولا يدع مجالاً لجهة أن تقذف بمسئولياتها على جهة أخرى بل سيكون القصور واضحاً للجميع قبل أن تقع المشكلات والكوارث.
حقيقة أن النمذجة لمعلومات المدن لا تتوقف إسهاماتها لدى تقديم المعلومة بل هي تحقق الاستفادة القصوى من تلك المعلومة وعلى روافد مختلفة تخطيطياً وحضرياً من أجل المدينة ومنها الرافد السياحي بمختلف محاوره ورافد النقل العام ومستويات الحركة المختلفة بالمدينة والذي تحتاج له المدن جميعها وأيضا تقلل من الإضرار البيئية المختلفة سواء الضوضاء أو التلوث بمختلف أشكاله وتسهم أيضا نمذجة معلومات المدن في دعم التوجه العالمي نحو التنمية المستدامة وتفعيل دور الأبنية الخضراء وتكون هي الركيزة الأساسية التي ينشأ عنها التفاعل الذكي بين المكونات المختلفة للمدن مما يفعل دور المدينة الذكية ويحقق الهدف منها كما أنها ستكون سبباً في الحماية وتقليص الأضرار الناتجة عن الكوارث المختلفة وتمكن المستفيد من تقديم القرار الأمثل بحسب المعطيات المختلفة.

المعلومات هي الثروة الحقيقة وهي العنصر الأكثر أهمية في عمليات تطوير وتخطيط المدن وتزيد أهمية المعلومة كلما زادت الجهات المستفيدة منها داخل المدينة ولذلك يجب الحرص دوماً أن لا يكون التفكير منصباً نحو توفير كل شيء وترك الأهم وهو المعلومة الصحيحة وطرق جمعها وإظهارها بالشكل الصحيح والأهم من ذلك كله هو أن تكون قراراتنا مبنية على المعلومات المتوفرة دوماً وأن يكون الهدف منها الاستفادة الفاعلة .

تذكرة مغادرة : يقول الكاتب فرانتس كافكا : ” تنبع كل الخطايا من خطيئتين أساسيتين: التسرع والكسل “.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :