خطورة الإدارة المركزية على المدن !!

المدن العالمية ومنذ سنوات تعمل وتسابق الزمن بشكل فعلي نحو إيجاد مكان مناسب لها ضمن قائمة المدن الأكثر تطوراً والأسرع تفاعلاً وتلك المدن لم يعد التفكير فيها على مستوى محلي وداخلي بل التفكير موجه نحو الخارج في إيجاد نموذج حقيقي وفعلي لمدن متطورة ومتقدمة عالمية تكون مختلفة تماماً وبمعايير عالمية, وحتى يتحقق للمدن ذلك الطموح لابد أن تخرج المدن من التفكير العام الشمولي نحو مستوى آخر من التفكير وهو أن يكون لكل مدينة أهداف مختلفة تعمل من أجل تحقيقها وتتنافس لتكون مدن جاذبة ليس نحو آليات ومستويات التطبيق للخدمات بل نحو مستوى تقديم خدمات جديدة متنوعة وذلك يعني أن يتغير مستوى الإدارة من مركزية مشرعة ومشرفة إلى إدارة محلية مشرعة وإدارة مركزية مشرفة ومن ثم الانتقال لمستوى آخر وهو أجدر للعمل عليه وهو إدارة محلية مشرعة ومشرفة في نفس الوقت تعمل من خلال مكوناتها المختلفة كالجهات الرسمية والقطاعات الخاصة والمجتمع المحلي وغيرها من المكونات ذات التأثير المباشر على المدن.

كما أن تقليل الإدارة المركزية من قبضتها ودفعها للمدن لكي تعمل من خلال الإدارات المحلية بشكل عام مع تحمل تلك الأخيرة المسئولية الكاملة يخلق نوع من المرونة ويدفع نحو التنافس الايجابي ويرفع الطموح في المدن نحو مستوى عالمي سبقت إليه العديد من المدن العالمية ومن الخطأ الاستمرار في أنظمة الإدارات المركزية للمدن فمع كل ايجابياتها السحرية للذين يغرمون بها تبقى تحصر المدن في دائرة الخطر فمن الملاحظ أن ثقافة إدارة المدن المركزية قد اقتربت من نهايتها وبدأت في التلاشي لدى المدن العالمية نتيجة لانعكاساتها السلبية المتضاعفة وبات واضحاً تأثيرها المباشر كما أن المستقبل يشير إلى أنه لن يبقى في قائمة المدن الناجحة سوى المبادرين بالخروج من عباءة المركزية إلى تفعيل أدوار أكثر فاعلية للإدارات والمكونات المحلية المختلفة للمدن.

كل ذلك يشير وبشكل واضح إلى أنه ينبغي لنا أن نبادر في تقليص دور الإدارات المركزية ووضع ذلك الهدف ضمن أولوياتنا المباشرة وهذا يعني السعي نحو إعادة هيكلة إدارة المدن لتكوين ثقافة جديدة لكل مدينة تكون مرتبطة بما تملكه المدينة من مكونات ويعمل عليها بشكل جاد لتحليل تلك المكونات المختلفة ووظائفها المتوقعة والمأمولة منها مع التنبه أن إعطاء القوة للإدارات المحلية لا يجب أن يكون قراراً متعجلاً بل يجب أن ندرك أن مثل تلك القرارات يجب أن تنفذ ضمن مراحل واضحة لتؤمن من عدم حدوث أي أخطاء أو خلل في فهم التطبيق ولذلك يجب أن نعلن أولاً عن أن التوجه العام سيكون نحو تفعيل الإدارة المحلية والدفع بعد ذلك بها لإدراك مسئولياتها وواجباتها تجاه المجتمع المحلي والمدينة بشكل خاص والدولة بشكل عام والدور المفصلي الذي سيعول عليه في تحقيق ذلك الهدف هو نضج الإدارات المركزية ووعيها لما يجب أن يسعى لأجله من أجل تحقيق فائدة أعمق لمصلحة المدن والمواطن والوطن بشكل رئيسي.

المدن المتطورة تتحدث اليوم لغة مشتركة هي لغة الاقتصاد وتهدف جميعها نحو اجتذابه لمواقع وتحديات جديدة ومحاولة إبقاء تلك اللغة في دائرة محددة وضمن نطاق ضيق لا يعكس قراءة صحيحة لما عليه العالم اليوم من تطور فاللحظة المناسبة لاتخاذ القرار هي تلك اللحظة التي تصبح فيها أي معلومة جديدة غير مؤثرة وقد مرت بنا تلك اللحظة فدعونا أن لا نتجاهلها كثيراً.

تذكرة مغادرة : تطور المدن يبنى من خلال تخطيط إستراتيجي فاعل ليحقق أهداف تنموية شاملة في الدول والركيزة الأساسية لتلك التنمية وذلك التطور المنشود هي السواعد الوطنية.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :