المخططات الإقليمية والبيجر !!

المخططات الاقليمية والبيجر !!

تواجه العديد من المناطق والأقاليم تحديات واسعة في التنمية وتتقاطع كافة تلك التحديات مع معضلة كبرى هي واقع البيانات بمختلف مجالاتها وطبيعتها وحتى الدول المتقدمة تعاني أيضاً من نقص البيانات وتقادمها بشكل سريع وتتساو معها في ذلك أو تسوء الدول النامية تجاه معاناة النقص الحاد في البيانات الهامة وذلك يشمل عدم توفر البيانات أو عدم توفر مصادر موثوقة لها.

المخططات الإقليمية وتحديثاتها ومشاريع تطبيقها هي في الحقيقة أمنيات لم تتحق ورغبات لم تواكب المستقبل الذي بدوره أصبح ماضياً وهي في رأئي الشخصي مخططات لم تدرك حاضرها ومتغيراته السريعة ولن تستطيع أن تواكب المستقبل، ولكن ما السبب وراء هذا الرأي الشخصي، فقط يكفي أن تبحث في أي مكتبة ورقية عن المخططات الإقليمية للمناطق والمدن التي صدرت قبل أعوام وتقرأ في صفحاتها أن الذين أعدوها وهم على قدر من الخبرة في مجال التخطيط الأقليمي لم يكونوا يعلمون أنهم يصنعون سراباً والسبب الآخر هو بروز دور القطاعات التنموية واستراتيجياتها على مستوى وطني.

أذن ما الحل ؟ في الحقيقة الحل قد يكون التعلم مما حدث لإختراع البيجر والذي كان مهماً في زمن ما أصبح طي النسيان بسبب تطور تقنيات أخرى تغني عن الحاجة، ولهذا ومع التطور الهائل والمستمر وتسارع عمليات التنمية من القطاعات أصبح الإنتظار لسنة أو سنتين من أجل إعداد مخططات إقليمية وعشرة سنوات أو أكثر من أجل تطبيقها أمر غير منطقي!.

تسارع عملية إتخاذ القرارات التي تمس المدن والمناطق والأقاليم وبروز دور القطاعات التنموية في المناطق جعل من المخططات الإقليمية فقط تكرار لمخرجات واستراتيجيات القطاعات التنموية لضمان المؤامة معها ومع ذلك تبقى مهمة واحدة ما زالت قائمة للمخططات الإقليمية وهي التموضع والترجمة المكانية لهذه الخطط التنموية للقطاعات في النطاق الجغرافي للمناطق والأقاليم وهذه المهمة ليست بالصعوبة بما كان أن تنضم لقائمة مهام المخططات المحلية أو معالجتها من خلال تقنيات الذكاء الإصطناعي أو التحليل لمؤشرات المدن والمناطق في مراكز إتخاذ القرارات العمرانية.

في الواقع أن النموذج نفسه المتبع في إعداد المخططات الإقليمية والمناطقية وكذلك العديد من نظريات التخطيط والتي يتمسك به المخططون منذ قرون ويؤمنون بأهميتها أصبح نموذجاً لا يواكب الحاضر حتى نتوقع منه أن يكون بوابة للتنمية والنمو المستقبل.

في نظرة تحليلية للحاضر وإستطلاع ورؤية للمستقبل فأن التخطيط الإقليمي بنماذجه الحالية المتباطئة سيكون أمر طي النسيان فإما أن يحدث لها ثورة معرفية تجب ما قبلها من نظريات تقادمت وتعد لها بنموذج مختلف وواقعي ومتسارع يواكب المتغيرات ويعالج التحديات المرحلية أو سيختفي مثل إختفاء البيجر.

تذكرة مغادرة : يقول الأديب ميخائيل نعيمة (ما تفهمه من كلامي فهو لك وما لا تفهمه فهو لغيرك).

العودة إلى الأمام !

العودة إلى الأمام !

تأملاً في عنوان المدونة قد يفتح لنا أبوابا واسعة نحو ما نعتقد أننا سنصل إليه، ولن أطيل التأمل فالعودة إلى الأمام ليست خطة منطقية ولكن إذا ما علمنا أن الماضي يحمل في جعبته ما لم يحمله الحاضر ولأننا نريد من المستقبل أن يعيد للحاضر توهجه.

ما هو الماضي الذي نسعى لعودته ؟ غالباً التطور المتلاحق في أنظمة البناء لم يسمح بنقل المعرفة الصحيحة كما هي من المباني القديمة والتاريخية إلى المباني الحديثة سواء وظيفياً أو جمالياَ ولذلك عندما نبحث عن المفقود في المباني التاريخية فقد لا نكتشف الكثير أو قد نعتقد أننا سنكتشف الكثير عبر التحليل ولكن بما أنه من الصعوبة المعايشة في هذا المبنى أو ذلك فكل ما نعرفه هو محض تحليل أو توقع.

العودة إلى الأمام ! هي إعتقاد ضمني أن ماضي البناء أكثر فاعلية وكفاءة من الحاضر وهذا الإعتقاد ليس على المطلق بطبيعة الحال فهنالك نجاحات هامة في البناء وفي مواد البناء ولكن الرغبة للعودة إلى الماضي ليست صدفة أبداً بل أصبحت حاجة خاصة إذا ما أدركنا أن المدن في الحاضر افتقدت إلى الهوية العمرانية والمعمارية الخاصة بها والذي أثر في فقدها بعض مواد البناء الحديثة خاصة المرتبطة بأعمال التشطيبات الخارجية أو الداخلية وحتى مواد البناء الحديثة التي أعدت لتكون بديلة عن بعض العناصر المعمارية التراثية لم تحقق المأمول منها فقد أوجدت شكلاً ولم توجد مضموناً ذو قيمة وأهمية.

فهم الماضي والحاضر من أجل المستقبل هي المعضلة التي يجب أن نتعامل معها بحذر خاصة إذا ما كانت قرارات الحاضر ستؤثر في مستقبل المدن.

تذكرة مغادرة : يقول الكاتب أندريه جايد “أن يكرهك الناس على ما فيك، أفضل من أن يحبوك على ما ليس فيك” .

يتعب المرء من كل شيء إلا العلم
جميع الحقوق محفوظة لصالح مدونة أيمن الشيخ