المصفوفة الحضرية..!

رؤية : الأبنية الخضراء مفهوم وتطبيق

يعتمد نجاح القرار على أمرين المعلومات المتوفرة، و العقل الذي يصنع القرار وفي هذه التدوينة سأركز على الجزء الأول وهو المعلومات المتوفرة من أجل إتخاذ القرار وتحديداً القرارات المرتبطة بالعمران وتحديداً عنوان التدوينة “المصفوفة الحضرية” فما هي ؟

تشكل المصفوفة الحضرية تجربة في ربط العناصر الحضرية المختلفة في سياق واحد يكون واضح ولنا القدرة على التأثير بالنتائج من خلال أدوات مختلفة حيث تشتمل عناصر المصفوفة الحضرية على مستويات تأثير متباينة بحسب العنصر الموجود تحت الدراسة فتغيير العنصر المدروس يغير النتائج والتقييمات الخاصة بها والتي تسهم في تقديم تصور شامل لأي منطقة حضرية بحيث تصنع مساراً ذو أولويات تنموية للمكان.

النظرة العامة سابقاً تؤكد أن المدن والمحافظات والمراكز والقرى ليس لهم نفس الأهمية، ولكنها اليوم ومن خلال رؤية المملكة باتت الأهمية حسب الميز النسبية للمكان بحيث أصبح المكان والميز النسبية له هو نقطة الإنطلاق ولم يعد حجم النطاق الحضري ذو تأثير كبير والشواهد عديدة في تأكيد ذلك فالمدن الكبرى والقرى الصغيرة على حد سواء في القضايا التنموية أصبحت النظرة تجاهها في تحليل المستوى الحضري والموارد والإمكانيات والفرص والتهديدات.

هذه النظرة العادلة تجاه المكان أصبح لزاماً أن يرافقها عمل جاد في عملية تنظيم البيانات والمعلومات من خلال المصفوفة الحضرية والمؤشرات من أجل القدرة على إتخاذ القرار الصحيح والسليم، هذه المصفوفة التي لا تضع الوضع الراهن فقط بل تضيف عامل التجارب المماثلة في الحسبان لتبني من خلال التجارب المماثلة الدروس المستفادة .

ومن أمثلة ما يحدث سابقا حينما تعاملت إدارات المدن مع المواقع الغير قابلة للتنمية على أنها عوائق تترك دون المساس بها ولكن من خلال النظرة العادلة وبناء المصفوفة الحضرية تعرض هذه المواقع على مكوناتها ومواردها وعناصرها من أجل تنميتها بشكل أكثر أتزانا والتعلم من المماثل.

وفي رؤية اتسمت بالنظرة العادلة تجاه الموارد المكانية أصبح من الطبيعي أن ترى مشاريع كبرى في نطاقات جغرافية معينة وباستخدامات محددة كانت إلى زمن قريب من الصعوبة أن ترى اكتمالا للمرافق وخدمات البنية الأساسية قبل قرنين أو أكثر ولكنها اليوم تسابق الزمن من أجل ذلك.

المصفوفة الحضرية تتعامل مع البيانات والمعلومات تجاه المكان بحيادية تامة وأنصفت العديد من المواقع بأن أصبحت ضمن مستهدفات التطوير الشامل فالتعامل مع البيانات والمعلومات العمرانية بأشكال متنوعة أتت في مستويات معيارية مثل (مثالي، يلبي الاحتياج، قصور جزئي، قصور كلي) سواء للخدمات أو المرافق أو البنية التحتية أو حتى العناصر والموارد الإجتماعية لم يعد النظر فقط يقتصر على الدور الحكومي في التنمية بل أصبح هذا العمل محركاً للقطاعات الأخرى في مناطق لم تعتد على ذلك ومن تلك القطاعات القطاع الاستثماري على سبيل المثال ولم تقف عند عتبة القطاع الخاص بل إتجهت للمحور المجتمعي ليكون ضمن المستهدفات من خلال مصفوفة حضرية للدور المجتمعي في الفضاء الحضري من خلال تحديد الأدوار وتفعيلها حيث تضع رابطاً قوياً ومؤثراً بين المجتمع والثقافة وتستخدم من أجل الفضاء الحضري العام.

المصفوفة الحضرية تبني رصيداً من المعرفة المكانية لكل موقع بحسب موارده سيكون مستقبلاً هو المحرك الاقتصادي الفاعل في هذه المناطق، هذا الرصيد سيخفف العبء الحالي من تكاليف الدراسات والتقييمات ليترجم كل معلومة ومؤشر نحو التوجه الفعلي للمكان وما العمل التالي دون إعادة تفكير لسنوات فيما يجب أن نفعل لاحقاً وهذا العمل مستقبلاً نتيجته الفعلية والوحيدة هو بناء حضارة تبقى لقرون من الزمن شاهداً على نجاح المرحلة الحالية ومؤكداً أن العقول التي تدير القرارات أسهمت بشكل اختصر القرون لسنوات.

تذكرة مغادرة : من كانت همته بناء الحضارة أرتصت لأجله حتى الحجارة.

المدن الكئيبة تحتاج إلى…

المدن الكئيبة تحتاج إلى...

مهما طال البحث في قائمة المدن الأكثر سعادة والأسوأ لن تخلو أكثر المدن سعادة من شيء من الكآبة وكذلك لن تخلو أي مدينة من الجمال فالأمر مرتبط بوجود الإنسان أولاً وأخيراً، الكآبة مثل الجمال أمر حسي يشعر به أي إنسان وفي أي مكان وبدرجات مختلفة ولذلك يتفق البشر على وجود مكان كئيب وآخر جميل وحينما يطلب منهم توصيف مصدر ذلك تجده مرتبط أكثر بعوامل إنسانية ومجتمعية وبيئية ولكن كمتخصص في العمران أسعى لتكون المدن جميلة ومثالية قدر الإمكان ، أهدف أن لا تكون كئيبة ولذلك أفكر لعلي أصل إلى معادلة تحقق التوازن بين الجمال والكآبة في المدن.

أعتقد أن تجربة الزائر تجاه مدينة ما هي العامل الأهم في شعوره تجاه تلك المدينة أو غيرها فكلما زادت تجربة الزائر تجاه المدن توجب العمل على خلق تجارب جديدة، فمن العبارات المقلقة لي فعلاً في حديث المجتمع عن مدينة سياحية أن زيارتها خلال سنوات متباعدة لم تشكل أي فارق ولم يكن هنالك اختلافات جوهرية تذكر وهذا دلالة أن الذاكرة البصرية والتجربة الأولى تبقى ولكن التجربة التالية هي الأهم في وجهة نظري وهي ما يجب أن نسعى لتحقيقه وإستهدافه بشكل مستمر.

هنالك مدن تعمل على إثارة الحواس المختلفة لدى البشر وتثير شجونهم بطرق مختلفة عن غيرها من المدن وقد حاولت سؤال العديد من الأشخاص بأعمار مختلفة عن شعورهم حيال مدن ومحافظات وقرى معينة وسؤالهم ما الذي يمكن أن يجعل المدن كئيبة فغالبهم لم يخرجوا عن عنصري المجتمع والبيئة وقليل منهم ذهب في اتجاه العناصر الحضرية واستطيع أن أؤكد أنهم جميعاً على صواب تجاه تلك العناصر ولكن غياب تأثير المحور الحضري بات واضحاً للمتخصصين وكذلك لأولئك الذين يمتلكون قدرة على فهم المدن بشكل أفضل من غيرهم.

الحقيقة التي أجدها أمامي كل مرة هي مدى تفضيل الأطفال للقرى مع ندرة الخصائص الحضرية فيها وينزعجون من المدن مع تعدد العناصر الحضرية في المدن أو توفرها بالحد الأدنى على الاقل وهذا أمر ليس مستغرباً فما يسعد الأطفال في القرى ليس سوى التجربة المختلفة كل مرة وهذا يدفعنا نحو التفكير فيما تحتاجه المدن الكئيبة فعلياً وحتى نعلم ذلك لنبدأ في سؤال الأطفال والأطفال فقط لأن الآخرين لا يملكون الكثير ليقدموه من أجل ذلك.

تذكرة مغادرة : يقول الفيلسوف والفيزيائي الفرنسي بليز باسكال “الحكمة تعود بنا إلى الطفولة”.

التنمية الشريطية، هدر يلزم إيقافه!

التنمية الشريطية، هدر يلزم إيقافه!

قد يكون أسوء قرار تم اتخاذه في تنمية القرى والمحافظات الصغيرة والبعيدة هو جعل الطرق تمر من خلالها لا أن تمر بجوارها وبين أن تمر من خلالها وتمر بجوارها فرق شاسع وهذا الفارق ما زال يمثل العديد من المعضلات والقضايا التخطيطية في المدن الصغيرة والمتوسطة وفي ذلك الزمن قد لا يكون القرار خاطئ تماماً ولعدة اعتبارات ولكنه اليوم أصبح أحد أسباب تأخر التنمية في العديد من المحافظات والمدن الصغيرة.

تلك الاعتبارات كانت سبباً وجيهاً في التوجه نحو ربط القرى والمحافظات الصغيرة بشبكة وصول لها، ولكن مع التمدد العمراني الذي طال تلك القرى الصغيرة لتصبح مراكز ومحافظات متوسطة وصغيرة ومع استمرار ضعف الكوادر المتخصصة في التنمية أضحت تلك الطرق والمواقع المطلة عليها هي الجزء الأهم والأكثر أهمية في كل قرية ومحافظة وباتت التنمية الشريطية هي الجزء الغالب في العديد من المدن والمحافظات واضحت القطاعات الخدمية تطارد ما لا تستطيع في تقديم خدمات البنى التحتية والخدمات العامة وأنصب التفكير نحو حل في الاتجاه الخاطئ وهو خصخصة تلك الخدمات لعدد من المناطق نظراً لصعوبة تلبية الاحتياج في ظل عدم توفر الموارد الكافية لتأسيس تلك الخدمات.

أذن، ما الحل المناسب لمعالجة واقع التنمية الشريطية في العديد من المدن والمحافظات الصغيرة وكذلك القرى في ظل عدم وجود محدد تنموي سوى النطاق العمراني والذي أصبح إعداده لا يعدو كونه إجراء روتيني ومتطلباً لوجود وثيقة بهذا العنوان  لاستكمال إجراءات تنموية أخرى مختلفة  ومن الضرورة أن يكون التفكير نحو تأسيس نطاقات تنموية مرتبطة بالقرى تحديداً وإيجاد مسارات للطرق بديلة يكون هدفها أن ربط القرى والمحافظات الصغيرة من دون اختراقها مع وضع مبدأ عام لتنمية المواقع التي تعاني من التنمية الشريطية عبر تركيز الخدمات ضمن محيط عمراني يحدد فيه الاحتياجات التنموية المستقبلية بما يلبي الاحتياجات الفعلية أو قد يكون التفكير في حلول أفضل من قبل المتخصصين العمرانيين تلبي التطلعات التنموية وتكون سبباً في إيقاف هدر الموارد قدر الإمكان.

أخيراً، المخطط العمراني الواعي هو الذي يصنع من أخطاء حدثت سابقاً فرصاً لحلول عمرانية تقدمية بها يحسن قدر المستطاع الواقع العمراني ويضع بذرة لمستقبل أكثر تطورا مستفيداً من تقنيات معاصرة ومستقبلية دون أن يعيش في قوقعة الماضي من نظريات قديمة للتخطيط العمراني أتت لزمن مختلف ويجب عليه أن يؤسس للمستقبل العمراني الذي يستجيب بمرونة عالية لأهداف تنموية طموحة تصنع المستقبل.

تذكرة مغادرة : يقول الكاتب أحمد سعيد إسبر المشهور بـ (أدونيس)  أقسى السجون وأمرها تلك التي لا جدران لها.

الإبتكار وريادة الأعمال

الإبتكار وريادة الأعمال

تكمن أهمية الإبتكار في ريادة الأعمال إلى أنها المرتكز الحقيقي الذي يبني عليه كافة نواحي المشروعات والأفكار الريادية ويكمن تأثير الإبتكار في مدى كون هذه الفكرة أو تلك حديثة أو مستهلكة وغالباً ما يظن الكثيرون أنه يجب أن تكون الفكرة كليا مستحدثة من العدم مع ضرورة وجود إحتياج إنساني لها وهذا قد يكون مشابها لفترة زمنية مرت بالبشرية وهي فترة الإستفادة من المعارف والعلوم لإنتاج المزيد من الإختراعات التي تخدم الإنسان ولكن في حالة ريادة الأعمال تبقى أن الفكرة بذاتها مبنية على نموذج تجاري مما يقلص فرصة أن تؤخذ الفكرة على أنها إستحداث من العدم.

أن كافة رواد الأعمال لديهم العديد من الأفكار ولكن البعض منهم ألتزم بالمبدأ الأساسي الذي لا أرى هدفا حقيقا من وراه وهو الإلتزام الكلي بأن يكون هنالك طريقة جديدة لأسلوب قديم وفي الحقيقة أنا أدعو إلى أن يكون الإبتكار جزء من كل مراحل المشروع وليس في الجزء التشغيلي منه وبالعودة إلى كم الأفكار التي يتحدثون عنها رواد الأعمال ويأملون تنفيذها وأفكار منبثقة من أفكار سابقة أو مشاريع قائمة فهكذا تبقى المهمة ليست الأفكار بل أولوية تقديمها.

أفضل طريقة لتحديد أولوية تقديم الأفكار هي أساليب التقييم والتي وللأسف تقتصر ضمن بعض حاضنات الأعمال على العنصر المادي !! دون غيره من العناصر ولبحث أساليب تقييم الأفكار ستجد أنها عامة لا تحقق لرواد الأعمال النقطة المفصلية بين المضي في المشروع أو التراجع عنه ولهذا يجب أن يدرك رواد الأعمال أن التقييم النهائي للأفكار يتم من خلالهم كأفراد بعد أن يتمكنوا فعليا من إدراك بعض التأثيرات المختلفة كالبيئة والتربية والمجتمع وعالم المال والتسويق وبالتأكيد التعرف على التأثير الرئيسي وهو شخصية رائد الاعمال وخبراته السابقة وطبيعة اهتماماته وأهدافه, فالعنصر الأهم هنا كيف يفٌعل رواد الأعمال الإبتكار فيما يمتلكونه أولاً من مهارات وخبرات ومن ثم يعكسون ذلك على فكرة المشروع الأساسية.

يكمن الخطأ في إدراك وضع الابتكار كعنصر ذو فاعلية عالية ووضعه كعنصر مضاف للمشروع وغير أساسي أنه سيؤثر مستقبلاً بشكل سلبي فيما لو دعت الحاجة للتخلص منه أو تغييره ولهذا يبقى على رائد الأعمال أن يدرك أن إهمال القدرات الكامنة لديه والبحث عن عناصر خارجية سينتج له تشتتاً خلال فترة تشغيل المشروع.

الابتكار جزء منك وجزء من مشروعك وجزء من كافة عناصر فكرتك وجزء من مجتمعك الذي سيتقبل فكرتك أو يرفضها لذا أجعل قيمة الابتكار مجزأة على كل ما له علاقة بك أو بمشروعك الريادي وبحسب ما يكون تأثير الإبتكار على عنصر تكون أهميته فقط.

تذكرة مغادرة : “إن في النفس لدرراً لو أستطاع الإنسان أن يكتشفها ويصقلها لتغيرت حياته نحو الأفضل الشيء الكثير”.

يتعب المرء من كل شيء إلا العلم
جميع الحقوق محفوظة لصالح مدونة أيمن الشيخ