عنق الزجاجة !

عنق الزجاجة !

التعريف لمعنى كلمة عنق الزجاجة بأبسط صورة هو المرحلة أو الإجراء حيث يتراكم العمل بسبب عدم كفاية سعة مركز العمل التالي وعند تلك المرحلة تتعطل سلسلة الإجراء بشكل كلي، وتتعدد أوجه وأسباب وجود هذه الحالة في كل الإجراءات والتفكير يؤدي بنا إلى ما السبب في وجود عنق الزجاجة من الأساس.

يخلق هذا الوضع من خلال أسباب عديدة مرتبطة بالسلوكيات والمهارات على حد سواء، يصنع عنق الزجاجة من شخص ما مهما كان مستوى مسئولياته حيث يود أن يتأكد من أن كل شيء يتم حسب ما يريد له فعلاً ويخلق أيضاً عنق الزجاجة في المنظمات بسبب غياب السياسات والإجراءات أو وجودها مع عدم تطبيقها الفعلي ويصنع عنق الزجاجة كذلك من مسؤول لا يرى الجدارة الكاملة سوى في ذاته وكل شخص سواه يرى بأنه أقل مهارة وكفاءة ولذا يتولى بنفسه زمام كل شيء وقد يكون السبب عدم كفاءة أو كفاية فرق العمل المخولة لإداء مهمة ما ويطلب منهم تغطية هذه الفجوة من الكفاية والكفاءة على حد سواء مما يتسبب في مفهوم عنق الزجاجة في منظومات الإدارية مع تكرارها بأن تخلق مفهوم (Micromanagement) لدى بعض المناصب الإدارية بشكل حتمي نظير المسئوليات المتراكمة وهذا المفهوم يؤدي إلى إفشال المنظمات عن تحقيق أهدافها الفعلية ولكنها بطبيعة الحال قد تسبب الإرتياح للبعض ! خاصة إذا ما كانت تلبي رغبات شخصية حيث يرى بأنه مسيطر على كل شيء، والمنظمات تصبح مثل الممارس الرياضي الذي يراوح مكانه فهو في الواقع يمارس جهداً عظيماً ولكنه لا يتحرك إلى أي إتجاه.

إذن ما الطرق والتكنيكات التي تساعد في التخلص من مفهوم عنق الزجاجة يجب أن تبدأ من التخلص من العناصر الرئيسية للبيئة الحاضنة لمفهوم صناعة عنق الزجاجة في المنظمات وهي مهمة مشتركة من جميع أعضاء المنظمة ويكون ذلك من خلال التخلص من العناصر المحفزة على صنع عنق الزجاجة كل مرة ومثال ذلك هو إيجاد وتحفيز المنطقة الرمادية للقرار من خلال إشراك ذوي العلاقة بكل قرار أو فكرة لتقديم آرائهم الخاصة والتعبير عن أنفسهم.

وثاني العناصر التي تمكن من تفكيك مفهوم عنق الزجاجة هو التخلص من مفهوم الإجراءات المعتادة والطريقة لذلك من خلال التعرف على الإجراءات المعتادة ومن ثم وضع مسار إبداعي وجديد لها يستهدف تقليص المدد الزمنية أو تقليص الموارد والحد من هدرها ومثال ذلك البدء بالأتمتة أولاً ومن ثم بداية مسيرة التحول الرقمي.

ثالث عناصر التخلص من البيئة المحفزة إلى عنق الزجاجة هو التخلص من الهياكل التنظيمية الهرمية والتحول إلى الهياكل التنظيمية الحلقية كل مستوى حلقي لديه مسئوليات ومهام تتطلب مستوى مهارات وخبرات معينة ولا يصح في الهياكل التنظيمية الحلقية تكرار المسئوليات أو الأدوار أو مضاعفتها والجدير بالذكر هنا أن مفهوم عنق الزجاجة يتردد بكثرة مع مشاكل أخرى تسبب فيها الهياكل التنظيمية الهرمية وهي مفهوم التراتبية الإدارية التي تفهم بشكل خاطئ وتطبق بشكل خاطئ أيضاً ولكنهما أمران دوماً ما يتكرر وجودهما في المنظمات ذات الهياكل التنظيمية الهرمية.

هنالك أيضاً العديد من التكنيكات التي تسهم في تحسين الأداء مثال ذلك هو قياس مدة كل إجراء ضمن المنظمة والبدء في دراسة مدة تأخير كل إجراء ووضعه ضمن الشاشة الداخلية للمنظمة بأنه الاجراء الأكثر تأخيرا على مستوى المنظمة ومن التكنيكات التي يمكن استخدامها في معالجة وجود عنق الزجاجة ضمن المنظمات هو قياس مدد الإجراء في منظمات مشابهه ووضع وبناء مدة الاجراء على حسب متوسطات المدد ومن التكنيكات أيضاً هو بناء مصفوفة الصلاحيات بحيث لا تكون مصفوفة الصلاحيات هي الأداة التي بسببها تصنع كل عنق زجاجة في المنظمة ومثل هذا التكنيكات وغيرها الكثير يكون من خلال دراسة ثقافة وبيئة المنظمة الداخلية ولا يصح استخدامها في كافة المنظمات أو كافة بيئات العمل فكل بيئة عمل ومهما تشابهت الظروف بينها فأن الثقافة الداخلية للمنظمة تختلف كلياً ويلزم الحذر عند إستخدامها.

في الحقيقة يجب أن ندرك أن تصحيح السلوكيات وبناء المهارات من المجالات التي تأخذ وقتاً طويلاً من أجل تحقيق غاياتها ولكن وجود ووضوح الحوافز الايجابية والسلبية على المدى القصير والمدى الطويل ضمن بيئة العمل يعتبر بمثابة بداية لتحقيق أهداف التغيير السلوكي والمهاري ضمن بيئات العمل وأحدى مراحل التغيير.

يبقى أن نذكر بأن أحد الأساليب بعد تطبيق التكنيكات وتغيير العناصر التي تسببت في وجود البيئة الحاضنة لمفهوم عنق الزجاجة مع عدم فاعليتها أو كفايتها هو التوجه لمجموعة الحلول القاسية والتي تبدأ بالتحقق من مسببات خلق عنق الزجاجة بشكل قانوني والتي بالتأكيد تشتمل على الاستبعاد الكلي أو الجزئي مثل تغيير نطاق وفاعلية الصلاحية أو تتصعد للمقاضاة القانونية نظراً للضرر الذي قد يقع بسبب تفويت الإستفادة من العديد من الفرص أو التسبب بمخاطر قانونية على المنظمة.

تذكرة مغادرة : يقول عالم الرياضيات توماس فاولر “الريبة هي العين اليمنى للإحتراس”.

العمران، قضية قابلة للنقاش !

العمران، قضية قابلة للنقاش !

يعتقد بعض متخصصي التخطيط والتصميم بأن آرائهم حق لابد أن يتم إتباعه وقبوله كما هو دون نقاش أو حوار، ويتعصب العديد منهم لآرائهم وكأنها جزء من الحقيقة المطلقة التي لا يمكن رفضها فهي بالنسبة لهم أشبه بالشمس وإشراقها من الشرق، وأن الآخرون لا يملكون من الحقيقة شيء ويجهلونها أيضاً.

النقاش في العمران أشبه بالنسبة لي بالتنفس للإنسان يبقيه على قيد الحياة ولكن دون النقاش لن يحدث سوى ما هو متوقع من موت محقق للعمران، فالعديد من القضايا العمرانية قتلت في مهدها خشيت أن يؤدي النقاش لما هو غير محمود !! ودون سبب فعلي سوى عدم الرغبة بالاستماع لرأي آخر وظلت تلك المواضيع لم تتقدم كثيراً مع أن العديد من المجتمعات العمرانية المشابهة عالجت وناقشت وبلغت جزء من الاتفاق فيما بينها ووضع العمران في إطار قابل للنقاش دون أن يكون للعمر تأثير أقوى من تأثير الرأي.

حينما تكن لديك القدرة على المناقشة وعرض أفكارك دون الإساءة أو التجريح تصريحاً وتلميحاً تستطيع أن تقول بشكل آخر بأن حجتك أقوى ورأيك سديد ولكن حينما تستخدمها فأنت بشكل أو بآخر تقول إنك رأيك ضعيف ولكنك تجعله أقوى بالصوت، فليست الفكرة أغلبوهم بالصوت !!

ما زال العمران بين ماضٍ وحاضر ومستقبل وما زال العديد من المتخصصين يطمحون ليكونوا من يخترق سماء العمران لآفاق جديدة يضعوا فيها بصمتهم ولكن لنضع بالاعتبار الأسماء المعاصرة والبيئة التي تدعمها ومستوى النقاشات التي يمرون بها طوال أوقات نضوجهم الفكري، فهنالك جانب آخر خلاف التشريعات والتنظيمات يجب العمل عليه وتطويره من أجل أن يتطور العمران وتتحقق أسس بناء الحضارة .

العمران والحتمية في مخيلتي قد التقيا وتقرر بينهما أن يكونا في مسارين متوازيين ولا يمنعا من أن يلتقيا عند الضرورة على أن يضلان على مسافة قريبة طوال الوقت.

تذكرة مغادرة: يقول الشاعر أبو ذؤيب الهذلي “لا تحتقر الرأي الجزيل من رجل هزيل”.

جوائز المدن ,, فرصة

جوائز المدن

تطالعنا الأخبار السعيدة دوما عن المدن بالمزيد من التقييمات والمعايير لأغراض متعددة فمرة لمستوى جودة الحياة وأخرى لأفضل المقاصد السياحية وثالثة للمدينة الأكثر سعادة وهكذا تستمر الأخبار عن المدن في وضعها ضمن معايير مختلفة ومتنوعة وإنتقائية أحيانا حتى تتغير ميزان مدينة على أخرى والحقيقة أن الفرصة الحقيقية للمدن لم تأتي بعد وهي فرص بالإمكان الإستفادة منها وتطويرها وهذه الفرصة تبقى لفترة مؤقتة فأما يستفاد منها أو تذهب أدراج الرياح.

أن حصول مدينة ما على جائزة عالمية أو محلية أو إنضمام مدينة لتكون ضمن التراث العالمي أو حصول مدينة ما لتكون مقصداً سياحيا أو تجارياً أو أقتصاديا هي فرصة سانحة لإعادة النهوض بالمدينة وتجديد دماءها ويتم ذلك بالإعتناء بالمدينة والذي يسبق كل شيء آخر فالعمل على تنميتها وتطويرها بالتأكيد سيجعلها تلفت الأنظار ويحقق غايات متعددة ضمن محور جودة الحياة في المدن وبطبيعة الحال ستكون المدينة حينها هدف لكل جائزة مخصصة للمدن بهدف المشاركة في النجاح المحقق على الواقع والكلمة السر في ذلك هي تعظيم المكاسب من تحقيق النجاح سواء كان جائزة أو أنضمام المدينة لتكون ضمن التراث العالمي فذلك هو أحد العناصر الجذب على مستوى عالمي ولتصبح المدينة جزء من منظومة الإستهداف الإيجابي لزيارات المدن والوجهات الناجحة وبذلك تتغير أرقام المدن إيجابياً.

في المملكة العربية السعودية حققت بعض المدن جوائز مميزة كان منها مدينة المدينة المنورة ومدينة الأحساء فقد حصلت المدينة المنورة على جائزتان عالميتان وتوجت بها هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة الأولى هي الجائزة الذهبية عن مشروع تطوير وتأهيل حي حمراء الأسد على الجائزة والجائزة الفضية عن مشروع تطوير وتأهيل جادة قباء وهذه الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية عن فئة المشاريع المتلزمة بتطبيق أفضل الممارسات العالمية في إدارة البيئة المحلية والمجتمعات الحيوية في مجال الأنسنة المميز في هاتين
الجائزتين هو أن عدد المدن التي شاركت بالمسابقة تجاوز ثمانون مدينة من مختلف دول العالم, كما اختيرت الأحساء لتكون عاصمة للسياحة العربية للعام 2019 لتؤكد أحقيتها كمدينة تاريخية وثقافية وسياحية في نيل هذا النجاح وشاهداً على نجاحها السابق في تسجيل واحة الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي بمنظمة الأمم المتحدة (اليونسكو) خلال العام الماضي والعمل الكثير ينتظر بقية المدن لتقدم ما لديها عالمياً وإقليميا ومحلياً أما العمل الأكثر جهداً وتميزاً هو ما ينتظر مسئولي مدينتي المدينة المنورة والأحساء من أجل المحافظة على المكتسبات المتحققة وتحقيق نجاحات أخرى في مجالات مختلفة وعلى مستويات عالمية وأقليمية.

تذكرة مغادرة : يقول الأديب الياباني ماتسوو باشو “لا تبحث عن خطى الحكماء بل ابحث عن أعمالهم وثمرة قطافهم”.

تجربة المدينة المختلفة

مقومات المدن

جميع الأفكار الناتجة عن سكان وزوار المدن مبنية من وجهة نظرهم على وجود حاجة أو فرصة وبإعتبار أن جميع المدن لديها مقومات متعددة فهل من الصحيح استغلال كل تلك المقومات في آن معا ؟ وهل تستخدم المدن كل ما تملكه في مدى زمني واحد؟ في الحقيقة أن ذلك قد يكون أسوأ إختيار على المدينة والسبب في ذلك أن الأفكار والتقنيات تتغير وتتطور وما لا يمكن اليوم تحقيقه لأحد المواقع قد يكون تحقيقه مستقبلاً أمراً في غاية السهولة واليسر, ولنعد الآن في الذاكرة إلى بعض المدن الساحلية الموجودة لدينا ولنضع الأفكار المنفذة فيها في قائمتي المتشابه والمختلف ولنرى ماذا اختلف؟ قد ننتهي بقائمة صغيرة جداً للمختلف بينها لا تشتمل سوى أسم الموقع ومساحته !!

أن من السهولة بمكان إيجاد عدة أفكار وتطبيقها مباشرة كنوع من التغيير وستكون في المرحلة الاولى ذات قبول عام ومقنعة على حد سواء ولكن هذا ليس تحدي الحقيقي !.
فيما لو جمعنا كل ما لدى المدن السعودية الساحلية القائمة من أمور متشابهه لوجدنا الكثير وهذا في تقديري الشخصي أمر غير صحيح فالأمر ليس تقليد بل تنمية مكانية ولهذا السبب غابت عن المدن السعودية تجربة المدينة المختلفة في الحياة والمعيشة والترفيه والعمل .

ما الذي يجب عمله ؟ لنضع هدفاً بسيطاً أننا نود من كل مدينة من المدن السعودية الساحلية تجربة مختلفة في كافة عناصرها ولنستفد من عناصر جذب كل مدينة كما يجب ولنحافظ على رصيد كل مدينة من المواقع المميزة وحتى يأتي الوقت المستقبلي الذي تتضح مع الخطة الكاملة لكافة المواقع داخل المدن وتعمل هذه الخطة على استغلال مقومات كل مكان بصيغة مختلفة ومن أجل أن لا يصبح بالإمكان أن تتآكل المدن سويا في عناصرها وخدماتها.

تذكرة مغادرة : تقول المؤلفة شاكتي غاوين “ما يحتاج أغلب الناس الى تعلمه هو كيفية حب البشر واستغلال الأشياء بدلاً من استغلال البشر وحب الأشياء”.

يتعب المرء من كل شيء إلا العلم
جميع الحقوق محفوظة لصالح مدونة أيمن الشيخ