مناطق تحسين الأعمال

مناطق تحسين الأعمال

تعتبر مناطق تحسين الأعمال إحدى نماذج تطوير الاقتصاد الحضري وهي أداة فاعلة تم تطبيقها منذ عام ١٩٧٠م في كندا تورنتو والفكرة الأساسية منها هي “أن الشارع الرئيسي المزدهر بمثابة قلب الحي، مدعوم بجهود الأشخاص الذين يعيشون ويعملون به” ويمكن أن يكون نطاق التطوير طريق أو مجموعة طرق أو أحد الأحياء إذا ما كان الحي يمثل وجهة تجارية أو سياحية أو تاريخية.

مناطق تحسين الأعمال هي نموذج عمل يستهدف تحسين الأعمال التجارية والاقتصادية ضمن نطاق جغرافي محدد ولتبسيط هذا المفهوم لغير المتخصصين هو أن يتم اختيار إحدى المناطق أو الطرق ويتم إعلان الموقع كمنطقة تحسين الأعمال ويشكل لهذه المنطقة مجلس إدارة يتم تشكيل أعضاءه من أصحاب الملكيات ضمن هذا النطاق ويدخل القطاع العام بنسبة بحسب نسبة الملكيات العامة للملكيات الخاصة ضمن هذا النطاق ويكون مهمة هذا المجلس هي المساهمة في تحسين المنطقة ودراسة احتياجاتها وتنفيذ أعمال تطويرية ضمن هذا النطاق من أجل دعم الملكيات والمالكين ورفع مستوى الخدمات المقدمة وتحسين الأنشطة المختلفة.

يستخدم نموذج العمل في هذه الآلية من أجل تعزيز الاقتصاديات المحلية وخلق الشراكات بين القطاعين العام والخاص لإعادة تطوير المناطق الحضرية وتيسير المشاركة المجتمعية ودعم مشاركة القطاع الخاص مع القطاع الحكومي حيث يتمثل دعم القطاع الحكومي بتحمل جزء من التكاليف الرأسمالية والتأسيسية ومراجعة التصاميم العمرانية والمعمارية والموافقة عليها وتعديل التشريعات العمرانية وفقاً لما تستهدفه المنطقة من تحسين وتطوير كما يتطلب من القطاع الخاص المبادرة بتحسين المنطقة المحددة والاهتمام بالبيئة العمرانية والطبيعية والبيئية فيها ودعم أعمال التطوير بمختلف أبعادها ليكونوا جزء من رحلة التطوير وحيث أن الهدف هو رفع مستوى جودة الحياة لتلك المناطق لغاية أن تكون هذه المنطقة جاذبة تسويقياً مما يعود بالنفع على النطاق المحدد اقتصاديا.

أن عملية اختيار هذه المناطق والمناسب منها يتم بناء على دراسات مسحية ليتم الاختيار بين هذه المناطق بناء علي عدد الشركات والرخص التجارية وحالة الحي أو الطريق ومتطلبات التطوير فيه عمرانياً ومعمارياً وبيئياً واقتصادياً ويسمح هذا النموذج بدعم تحسين التشريعات العمرانية والبيئية والاقتصادية للمنطقة ومن منافع تطبيق هذا النموذج هو دعم تحويل بعض الطرق التجارية الغير فاعلة لتكوين أنوية تجارية واقتصادية متعددة في المدينة وتركيز الخدمات ضمن مواقع محددة من المدن مما يسهم في تخفيف العبء على المواقع التجارية الفاعلة مثل أوساط المدن القديمة وتحسين الحركة المرورية حولها وفي المدينة ككل بطبيعة الحال وكما أن تطبيق هذا النموذج ضمن نطاقات محددة من الطرق يؤدي إلى التخلص من الطرق التجارية الممتدة التي تسهم في توسع المدن دون تحقيق عوائد على المدن ووضع إستراتيجية لذلك.

يتطلب تطبيق هذا النموذج في المدن تشكيل فريق عمل مكون من عدد من المجالات ضمن نطاق الحي أو الطريق المستهدف وبعد عمل دراسات مسحية لنطاقات جغرافية مقترحة أن يليها إجراء استقراء أولي للأنظمة والتشريعات القانونية والعمرانية القائمة من أجل مؤامتها وعدم تعارضها ومن تلك الأنظمة على سبيل المثال نظام الشركات وأنظمة البناء والتراخيص والرسوم البلدية وتلي تلك الخطوة تكليف إدارات المدن بإعداد تجربة أولية لعدد من المواقع لمعرفة حجم التغييرات التي يتطلبها تفعيل هذا النموذج على أرض الواقع.

تذكرة مغادرة : يقول الروائي البرازيلي باولو كويلو “ينبغي أن نجازف ، فنحن لن ندرك حقا معجزة الحياة إلا إذا سمحنا لغير المتوقع أن يحدث.

المشاة في المدن

المشاة في المدن

تطبق العديد من المدن مبادرات لتحسين مستوى قابلية المدينة للمشي وهذا أمر في المسار الصحيح إذا أخذنا في الإعتبار أن تحسين قابلية الأرصفة للمشي ليس هو الهدف الرئيسي بل هو أحد الأهداف الثانوية لتحسين جودة الحياة في المدن فيجب أن تدرك أن وجود رصيف مهما كان تصميمه لا يعني بالضرورة أنه سيكون مقصداً بحد ذاته،الرصيف بأفضل تشبيه له هو عصب المدينة، فكما للجسم البشري جهاز عصبي للمدينة جهازها العصبي.

يبقى أن نفهم أن الرصيف هو ناقل حركة من وإلى ولذلك لابد أن نعمل على تحسين حركة المشاة في المدن من وإلى نقاط محددة كمرحلة أولى وإلى أي مكان كمرحلة ثانية.

لنعود الآن إلى فهم المدينة على ضوء أنها عبارة عن نقاط حركة منها وإليها فالمسجد والمدرسة والمتاجر في الأحياء هي عبارة عن وحدة واحدة قد تنفصل بمستواها الأول عن الأحياء الأخرى والتي ستكون مجموعة الأحياء المتقاربة هي المستوى الثاني من الحركة في المدينة وهكذا تستمر الحركة في المدينة ويستمر ناقل الحركة المخصص للمشاة في تعزيز الوصولية بين النقاط الرئيسية والفرعية.

وفي المستوى الثالث للحركة هي تقاطع حركة المشاة مع حركة المركبات أو الدراجات أو النقل العام والذي يتطلب معالجات ذات مستوى تصميمي أعلى من المستوى الأول والثاني ففي هذا المستوى تدرس الحركة بناء على الكثافات ودراسة إعطاء الأولوية بشكل عملي لا عاطفي فالفكرة بإعطاء المشاة الأولوية الدائمة ليست صحيحة وأن كان العاطفة تعطي هذه الأولوية ولكن استمرارية الحركة الدائمة هي الأولوية سواء كانت للمشاة أو للمركبات.

ما زلت أدعو لأن تعلن المدن استراتيجتها للتعامل مع الأرصفة لكونها جزء من منظومة النقل داخل المدينة وقد كتبت سابقاً مقالاً بعنوان الرصيف في المدن حيث دعوت لإستخدام الرصيف كجزء من الفراغ العام للمكان ويتم تهيئته ليكون جزء فاعلا في خطط المدينة في محاور مختلفة ومنها النقل.

قابلية المشي لأي مدينة يلزم أن تكون ضمن مؤشرات أي مدينة فقابلية المشي تتقاطع كثيراً مع الأنشطة والمساحات والفراغات العامة والمقاصد الرئيسية والفرعية وحتى نحقق الهدف يجب أن ينظر لها من زاوية عليا والتي قد تتطلب تشريعات عمرانية محددة لمواقع محددة .

تذكرة مغادرة : يقول الكاتب أحمد بهجت “عندما يبحث إنسان عن شيء ما , فإنه لا يرى عادة إلا ما يبحث عنه , وهذا يعني عجزه عن رؤية شيء آخر , وقد يكون جواب السؤال كامناً في هذا الشيء الآخر”.

مدينة ثانوية .. ماذا لو ؟

مدينة ثانوية .. ماذا لو ؟

المدن الكبرى والرئيسية لديها ما تمتلكه من إدارات وأفكار وإستراتيجيات وعقول لإدارة مواردها بالشكل الصحيح وتحقيق طموحاتها وأهدافها ومستقبلها ولكن ماذا عن المدن الثانوية والمحافظات الصغيرة ؟ تلك المدن الصغيرة التي أقصى ما تمتلك تخطيطياً هو مخطط سكني أو اثنين وطريق رئيسي للعبور من منطقة لأخرى وتفتقد للعديد من الخدمات الأساسية ومتاجرها البسيطة التي تعتمد كليا في بقاءها إقتصادياً على المرور العابر أن حظيت بمثل هذه الفرصة.

المدن الثانوية التي تمتلىء بنشاطات إقتصادية وهمية فلا دورة إنتاجية مكتملة ولا اقتصاد محلي ولا رؤية واضحة للمستقبل، ولا مشروع استراتيجي يدرس حالتها ويضع لها خطة تنموية تصحيحية، تلك المدن أفضل تعبير لها هو شعور الضياع الذي يفتقد لطعم الحياة.

ماذا لو ؟ فكرنا قليلاً في بناء نموذج محلي في تبني محافظة طرفية أو مدينة صغيرة تطبق عليها دراسات الوضع الراهن بكل جدية لبحث مواردها وميزها النسبية وأطلقنا مشروع رائد لتكون هذه المدينة الصغيرة مقصداً أقليميا أو دولياً في نشاط معين .. ما الذي يمكن أن يتغير ؟

ماذا لو ؟ فكرنا قليلاً في دراسة الهوية العمرانية للمدينة الصغيرة ووضعنا لها هوية عمرانية محلية ووضعنا إشتراطات عمرانية فريدة وصنعنا نموذج عمراني فريد من نوعه يحتوي الفراغات العامة وممرات المشاة واستطعنا تطبيقه بتكاليف مالية ممكنة .. ما الذي يمكن أن يتغير ؟

ماذا لو ؟ فكرنا قليلاً في تطبيق مبادئ المدن المستدامة وتحدياتها في نطاق المدن الصغيرة ومبادئ المباني الذكية على مبانيها .. ما الذي يمكن أن يتغير ؟

ماذا لو ؟ فكرنا قليلاً في دراسة المجتمع المحلي وأوجدنا له دورة إنتاجية مكتملة في صناعة متخصصة .. ما الذي يمكن أن يتغير ؟

ماذا لو ؟ فكرنا قليلاً فيما تفتقده تلك المدينة الصغيرة من خدمات أساسية ومرافق عامة وبنية تحتية ووضعنا مبادرة وبرامج ومشاريع عاجلة وبميزانيات ممكنة .. ما الذي يمكن أن يتغير ؟

ماذا لو ؟ فكرنا قليلاً في أن أسلوب التفكير في الممكن والمعقول على مستوى نطاق جغرافي صغير هو المستقبل .. ما الذي يمكن أن يتغير ؟

أترك لعقولكم الإجابة عن كل تلك الأسئلة فهي ليست وسيلة لتحدي عقولكم ولكنها وسيلة للفت الإنتباه فهنالك دوما فرصة سانحة لأننا دوماً نقفز من الممكن للمستحيل فلا نصل للمستحيل ولا نحترم الممكن.

تذكرة مغادرة : يقول الروائي أحمد بهجت “كل واحد منا قارة مجهولة تماماً ، وداخله أعماق لا تدري أبداً متى تنتهي .. كل إنسان منا بلا نهاية كالكون”

يتعب المرء من كل شيء إلا العلم
جميع الحقوق محفوظة لصالح مدونة أيمن الشيخ