جملة امتدحت بها وسائل الاعلام بعض مدننا وبعض المدن الاخرى العالمية والتي تعني بوضوح انها مدينة تعمل طوال اليوم والليلة كالأسواق والمتنزهات والمطاعم وكل نواحي الحياة ولكن كل ذلك لا يضير ولكن هل تعتبر المدينة التي لا تنام مدينة صحية للمجتمع الذي يسكنها .
لقد قال الله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (11) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا) سورة النبأ .
ولست بمتحدث عن معنى الآية او تفسيرها بل للاستدلال بهذه الآية الكريمة بأن الليل ستر وسكنا والنهار معاشا للعمل والتكسب والمعيشة .
ان إجبار مدننا على العمل ليلا ونهارا وبشكل مستمر سيفقد مدننا التوازن المعيشي وسيكسب المجتمع الساكن بالمدينة الكسل والتراخي وضعف الصحة العامة للمدينة عدا عن الاثار المترتبة عن الاستخدام المستمر للخدمات وبشكل متتالي مما يقلل من العمر الافتراضي لهذه الخدمات ويصعب من عملية الصيانة ويزيد من تكلفتها المادية .
ان اولى خطوات تهيئة المجتمع ليكون مجتمعا فاعلا ونشطا منتجا هو بضبط نواحي الحياة المختلفة له حتى يسمح له بالعطاء والتقدم مع التنبه الى ان استمرار الليل كالنهار واتباع ذلك بالمدن الكبيرة والصغيرة لن ينتج عنه سوى مجتمعات مدنية كسولة مستهلكة وغير منتجة .
ان تركنا للأعلام ان يقنعنا بأن الواقع السيء الذي تعيشه مدننا هو تطور فتلك مشكلتنا لا مشكلة الاعلام .
يتسم العمل الحكومي في العديد من البلدان العربية بالبساطة في الأدوات والتعقيد في الإجراءات وحتى أن محاولات التطوير التي ترسمها الجهات الحكومية لا تنجح غالبا ولا تحقق الغرض منها حيث أنها تفتقد للكثير من الأمور الهامة التي تفتقدها أنظمة الإدارة التقليدية , فالتغيير والتطوير يتطلبان أن يعي كل أعضاء الفريق “جميع موظفي الجهة الحكومية” أهمية التغيير ومتطلباته وفوائدهـ العائدة سواء عليهم أو على الجهة أو المجتمع وإلا ستبقى الجهة في معزل عن موظفيها مما سيقلل من ولاء وانتماء الموظف وكذلك ستزداد الجهات رغبتها بمواصلة تحقيق الانجاز بطرق مختلفة ولكن النتيجة والمحصلة المتكررة بالغالب هي الفشل وهذا أحد الأسباب الكثيرة لفشل العديد من الجهات في تطوير الأداء أو الخروج من قوقعة الإدارة التقليدية .
أن تعريف الموظفين بأسباب التغيير يساعد كثيرا في دفع عجلة التغيير والنجاح مع الاعتراف الكامل بأن التغيير دوما ما يكتسب أنواع مختلفة من المقاومة التي يمكن التغلب عليها بالاستمرارية في التحسين والتطوير والاستفادة مما وصل له الآخرون وكذلك فأن العمل في ظل وجود معلومات خفية أو مجهولة يعتبر مخاطرة في حد ذاته وعمل غير مدروس .
ولعلي أذكر سببا آخر من أسباب فشل مشاريع الجهات الحكومية ومرتبط بشكل أو بآخر بالتغيير وهو اختلاف الأسس والمبادئ التي تبنى عليه مواصفاتها فنجد أن خبرة القيادي أو الجهة الفنية تؤثر غالبا في نتائج هذه المشاريع والتي أصبحت لا تخفى على الكثيرين ويمكن حتى رؤية الاختلافات بالمرور على عدد من المشاريع أو عقود هذه المشاريع وحيث أن ما تتعود عليه ليس بالضرورة أن يكون هو الصحيح فالعلم يتطور والمشاريع وطرق التنفيذ تتطور ولذا وجب أن يتواكب هذا التطور مع الجهات المنفذة والمشرفة على المشاريع .
وأصبح لزاما على المسئولين والقيادات في هذه الجهات الاهتمام بشكل موسع بالعمل على رفع الجودة في المشاريع وفحص كافة البنود والالتزامات وعرضها بكل مكوناتها وبأدق تفاصيلها على فرق العمل وتقبل الآراء والانتقادات وعدم الاستئثار بالقرارات لما له من فائدة قد لا تتضح في البدايات ولكن هذه ستعبر بكثير من المشاريع لتحقيق النجاح فيها .