آفاق جديدة في توأمة المدن

آفاق جديدة في توأمة المدن

تساءلت سابقاً في مواقع التواصل الإجتماعي ومنها تويتر عن مفهوم المجتمع والمتخصصين لعبارة توأمة المدن والحقيقة أنني قمت قبل ذلك بمراجعة الموجود على صفحات مواقع الإنترنت من تعاريف لهذه العبارة ولذا كنت أركز على الذين يقدمون تعريفا خاص بهم ومختلف عن الآخرين.

المدن من طبيعتها أنها تتغير بإستمرار وطبيعة هذا التغير تفرض أن لا تتمسك المدن بالكثير من العناصر المتغيرة عنها ولذا سنجد أن التوأمة بين مدينتين على ضوء التعريف الحالي لها لا يعدو كونه مجاملة لطيفة دون أن تحقق لكلا المدينتين أي تقدم أو هدف إيجابي سوى الظهور الإعلامي البسيط لإعلان هذه التوأمة.

طبيعة القالب الذي نجسده في أفكارنا عند كلمة التوأمة تضعنا ضمن نطاق محصور جداً لما يمكن أن يحدث لو أعدنا طريقة التفكير دون التأثر بالمعلومات المسبقة أو التجارب السابقة للمدن أو التعاريف الموجودة ويدعمنا في هذا التوجه أن المدن ومن خلال التقنيات الحديثة التي تقدم في سبيل تطوير وتحسين جودة الحياة فيها تجعل من المدن تكراراً مشوهاً بل وأصبحت متشابهة جداً إلى حد الطريقة التي ترى بها المدينة, إضافة إلى مركزية الجهات المشرفة على تخطيط وتنمية المدن وأخطاءها في التعامل مع المدن بمركزية وبقوالب تخطيطية محددة سلفاً في كل شيء فأن كل هذه الأسباب تدعونا للبحث عن مدينتنا التوأم الآخرى وما الذي يمكن أن يحقق نجاحاً مشتركاً يتجاوز كونه صورة وخبر إعلامي.

حتى نتعرف على مدينتنا التوأم أو التي من المؤمل أن تكون توأما علينا أن نبحث عن النجاحات التي حققتها تلك المدن في مواضيع مختلفة عن طبيعة مدينتنا لا أن نبحث عن مدن تشابهنا في كل شيء ثم نسعى لإيجاد العوامل المشتركة الكثيرة ونفقد السيطرة من زيادة التفاصيل مع عدم اهميتها.

أكثر الانتقادات التي تحصل عليها المدن إلى جوار ضعف وعدم كفاية الخدمات هو في طريقة إدارة المدن وهو أحد المواضيع المهمة والمرتبطة بالإنسان بشكل أساسي فلما لا تكون لكل مدينة لدينا توأم ينقل تجارب الآخرين في إدارة مدنهم والإستفادة منهم وتحسين تجربتنا في إدارة المدن ولما لا يكون هنالك توأمة للمدن ذات الكثافات السكانية العالية لنتعرف أكثر على أسلوب تقديم الخدمات للكثافات السكانية العالية وهنالك أيضا فرصة لتوأمة المدن الصغيرة والمتوسطة لدينا بأن نستقطب عمالة متخصصة من المدينة التوأم لقاء إستقطابهم لكفاءات في مجالات نافعة لهم ويواجهون فيها ما يؤرقهم, توأمة المدن يجب أن تتطور لتكوين شراكات نجاح وإستثمار وتبادل منافع وإعفاءات على مستويات متعددة وإسهام في التنمية البشرية لكلا المدينتين لا أن تبقى كما هي ونعترف ان جل ما نستطيع في هذا المجال بأن نسمي أحد طرق مدينتنا بأسم المدينة الأخرى.

تذكرة مغادرة : يقول ستيف جوبز “تقع العديد من الأخطاء أثناء محاولة إحداث التجديد. من الأفضل الاعتراف بالخطأ والبحث عن مجالات أخرى للنشاط”.

الإبتكار وريادة الأعمال

الإبتكار وريادة الأعمال

تكمن أهمية الإبتكار في ريادة الأعمال إلى أنها المرتكز الحقيقي الذي يبني عليه كافة نواحي المشروعات والأفكار الريادية ويكمن تأثير الإبتكار في مدى كون هذه الفكرة أو تلك حديثة أو مستهلكة وغالباً ما يظن الكثيرون أنه يجب أن تكون الفكرة كليا مستحدثة من العدم مع ضرورة وجود إحتياج إنساني لها وهذا قد يكون مشابها لفترة زمنية مرت بالبشرية وهي فترة الإستفادة من المعارف والعلوم لإنتاج المزيد من الإختراعات التي تخدم الإنسان ولكن في حالة ريادة الأعمال تبقى أن الفكرة بذاتها مبنية على نموذج تجاري مما يقلص فرصة أن تؤخذ الفكرة على أنها إستحداث من العدم.

أن كافة رواد الأعمال لديهم العديد من الأفكار ولكن البعض منهم ألتزم بالمبدأ الأساسي الذي لا أرى هدفا حقيقا من وراه وهو الإلتزام الكلي بأن يكون هنالك طريقة جديدة لأسلوب قديم وفي الحقيقة أنا أدعو إلى أن يكون الإبتكار جزء من كل مراحل المشروع وليس في الجزء التشغيلي منه وبالعودة إلى كم الأفكار التي يتحدثون عنها رواد الأعمال ويأملون تنفيذها وأفكار منبثقة من أفكار سابقة أو مشاريع قائمة فهكذا تبقى المهمة ليست الأفكار بل أولوية تقديمها.

أفضل طريقة لتحديد أولوية تقديم الأفكار هي أساليب التقييم والتي وللأسف تقتصر ضمن بعض حاضنات الأعمال على العنصر المادي !! دون غيره من العناصر ولبحث أساليب تقييم الأفكار ستجد أنها عامة لا تحقق لرواد الأعمال النقطة المفصلية بين المضي في المشروع أو التراجع عنه ولهذا يجب أن يدرك رواد الأعمال أن التقييم النهائي للأفكار يتم من خلالهم كأفراد بعد أن يتمكنوا فعليا من إدراك بعض التأثيرات المختلفة كالبيئة والتربية والمجتمع وعالم المال والتسويق وبالتأكيد التعرف على التأثير الرئيسي وهو شخصية رائد الاعمال وخبراته السابقة وطبيعة اهتماماته وأهدافه, فالعنصر الأهم هنا كيف يفٌعل رواد الأعمال الإبتكار فيما يمتلكونه أولاً من مهارات وخبرات ومن ثم يعكسون ذلك على فكرة المشروع الأساسية.

يكمن الخطأ في إدراك وضع الابتكار كعنصر ذو فاعلية عالية ووضعه كعنصر مضاف للمشروع وغير أساسي أنه سيؤثر مستقبلاً بشكل سلبي فيما لو دعت الحاجة للتخلص منه أو تغييره ولهذا يبقى على رائد الأعمال أن يدرك أن إهمال القدرات الكامنة لديه والبحث عن عناصر خارجية سينتج له تشتتاً خلال فترة تشغيل المشروع.

الابتكار جزء منك وجزء من مشروعك وجزء من كافة عناصر فكرتك وجزء من مجتمعك الذي سيتقبل فكرتك أو يرفضها لذا أجعل قيمة الابتكار مجزأة على كل ما له علاقة بك أو بمشروعك الريادي وبحسب ما يكون تأثير الإبتكار على عنصر تكون أهميته فقط.

تذكرة مغادرة : “إن في النفس لدرراً لو أستطاع الإنسان أن يكتشفها ويصقلها لتغيرت حياته نحو الأفضل الشيء الكثير”.

المدن والحضارات

المدن والحضارات

المدن كما نعرفها اليوم لم تظهر من العصور القديمة ومنذ بدء الخلق من العدم وكان لكل مدينة أسباب مختلفة ومتعددة لنشأتها وظروف مؤاتية لذلك فمنذ ذلك الحين والحضارات الإنسانية المتعاقبة تتوارث هذه الأرض وقد أورثت كل حضارة لمن بعدها فكراً وعلماً وتجارب إنسانية مختلفة تستمد دوماً أفضل ما لدى من سبقوها من الأمم والحضارات فتضيف عليه من خلال تجاربهم وعلومهم كأفضل الممارسات والتجارب على ضوء العلوم والمعارف الإنسانية المختلفة التي أتيحت لكل حضارة وأمة من الأمم.

تتقدم المدن تارة زمنا طويلاً وتجد الفرصة لذلك وتتراجع تارة أخرى كحال غيرها من الأشياء لا تبقى على وتيرة واحدة فبعض تلك الحضارات قد تزامنت في العصور المختلفة وتبادلت الثقافات والمعارف والعلوم مما أتاح لأفضلها فكراً وعلماً بالازدهار والنمو والبقاء.

كل تلك الحضارات وصلت إلينا في حاضرنا عبر نتاجها من علوم ومعارف وتراث وآثار تحمله لنا تلك المدن والأحياء القديمة وفي كل جزء منها .

لم تبقى من بعض تلك الحضارات الإنسانية إلا النذر اليسير الذي وصلنا وحافظت عليه الأجيال المتعاقبة التي توارثت سكنى تلك المدن وأضافت عليها ما استحسنته كنتاج طبيعي لعلاقة الإنسان بالبيئة المحيطة من حوله .

تلك البيئة المحيطة التي كانت ركيزة في نشأة المدن وتطورها وأن تجاهلها الإنسان تارة وأهتم بها أخرى إلا أن وجودها ضمن الحضارات الماضية أمر لا يمكن إنكاره فتداخلت المدن مع البيئات المحيطة وأخذت منها ما تحتاجه واحتُرمت تلك البيئات من القائمين على المدن فلم تكن هنالك جُرأة على الطبيعة كما نشاهدها في وقتنا الحاضر .

وإضافة إلى ما تسببه وتأثرت به المدن من الكثير من التجاذبات التاريخية والتي تخص طبيعة الإنسان بشكل أساسي والتي غالباً ما يطمح للاستحواذ والتملك فكان لابد من حماية المدن وساكنيها من تلك المطامح والمطامع لدى الآخرين فأثر ذلك في اختيار مواقع المدن وشيدت من حولها الحصون العالية والقلاع القوية وقد صممت المدن في عدة حضارات على هذا الأساس.

كما أثرت في تاريخ المدن والحضارات الطبيعة المكانية لمواقع اختيار المدن فاختيرت المواقع القريبة من مصادر توفر المياه الدائمة سواء الآبار أو الأنهار أو البحار ولا أدل من ذلك من قصة بئر ماء زمزم وحجم تأثيرها على نشئت مكة المكرمة وعلى طرق التجارة القديمة والتي كانت هي الأخرى سبباً وعاملاً هاماً ومؤثراً في نشأة المدن .

أضف لذلك تأثر تاريخ المدن والحضارات بقدرة الإنسان التي وهبها الله عزوجل له على الاستلهام من الطبيعة المحيطة به وقدرته على الاستخدام لعناصر متعددة منها كالجبال والأشجار المختلفة والصخور والأحجار وتطويعها من أجله ولعدة استخدامات مختلفة سواء في العمران كإنشاء المساكن أو دور العبادة أو في الأمور الحياتية الأخرى وكما أن هنالك أسباب عامة أثرت في تاريخ المدن والحضارات كانت هنالك أسباب أخرى خاصة ببعض المدن بشكل حصري فكانت ذات تأثير هام جداً ببعض المدن فلم تتشابه هذه الأسباب في تلك المدن مع غيرها من المدن فمسارات الحجاج الوافدين لأداء فريضتي الحج والعمرة وما فرضته عليها من حتمية إتباع مسارات محددة تتوفر بها مصادر المياه وتأثير مسار عين زبيدة في نشأة بعض القرى والمدن بالقرب منها  فذلك التاريخ وتلك العوامل التي أثرت بالمدن في نشأتها واستمرارها قد لا تؤثر تلك العوامل في وقتنا الحاضر لاختلاف التقنيات وتوفر الوسائل البديلة ولكنها تبقى من عوامل النشأة المهمة في تاريخ المدن.

تذكرة مغادرة : يقول الفيلسوف مصطفى محمود رحمه الله : (( هناك مهمة ورسالة وتكليف , كل منا ينزل الى الأرض وفي عنقه هذا التكليف .. أن يضيف طوبة جديدة الى القلعة الحصينة التي بنتها الحياة لتتحصن فيها وتقود منها التاريخ وتسوس الكون والطبيعة لصالحها ونحن مزودون من اجل هذه المهمة بكافة الأدوات الضرورية , بالعقل والإرادة والإصرار ، ومزودون بتراث من العلوم والمعارف والخبرات. ))

النطاق العمراني ,, قيد المدن

النطاق العمراني ,, قيد المدن

أصعب القيود هي القيود التي يضعها الانسان على نفسه فهو معها يبقى أسير فكرة أو فكر الأخرين الذين قرروا نيابة عنه وعن الجميع وأكثر الما هو تبني البعض تلك الفكرة دون مراجعة خاصة تلك الافكار التي ترتبط وتتلامس وتتقاطع مع حاضر ومستقبل الجميع والامثلة في ذلك في شتى المجالات واضحة جلية.

أن أكبر عائق يواجه تخطيط المدن هو القيد الذي وضع على حدودها والنطاق الذي وجهت به المدينة في اتجاه تطويرها وسبب وجود هذا النطاق هو عدم قدرة الجهات الفنية والادارية على مواكبة تمدد المدينة ولذلك كان ذلك التحديد حتى تستطيع تلك الجهات بناء خططها بناء على ذلك ولكن هل ذلك العامل الذي بني عليه إيجاد نطاق عمراني قد تحقق وما هي النسبة المحققة منه وهل بالإمكان تحقيقه بطرق مختلفة عوضاً عن ذلك النطاق وماهي انعكاساته السلبية على المدن وعلى ساكنيها ,, كل تلك الاسئلة بقدر انها واقعية لتحديد ملامح هل كان ذلك النطاق ايجابيا ام سلبيا ولماذا؟.

أن التفكير في النطاق العمراني للمدن يجب أن يتجاوز فرضية التمسك به الى دراسة حالته ووضع ايجابياته وسلبياته وايضاحها وما الذي ساهم به وجوده وهل من الافضل تعديله الآن أم تركه حتى العام الذي ينتهي فيه لدراسة تأثيراته وما مدى الخطورة التي ستتشكل داخل المدن جراء إبقاءه دون تغيير فكل قرار يتخذ في حق المدن يجب أن نراجعه دوماً وأن لا نركن إلى أن قرار صالح في حق المدن عوضا على أن الكثير من تلك القرارات التي اتخذت بحق المدن وتم التمسك بها كثيرا لم تعد صالحة اليوم بل والجميع يطالب بتعديلها ولكن هنالك ما يعوق دوما تغيير قرارات أصبح وجودها واقعاً.

تنمية المدن وأولويات التنمية أمر استراتيجي ولكنه حتما ينفذ عبر برامج ومشاريع واضحة لا عبر نطاق يحد من تطور مدينة لضعف في القدرة على التجاوب مع ذلك التمدد وعدم القدرة على إيجاد مخارج أخرى تحقق نفس الهدف الاستراتيجي.

تذكرة مغادرة : يقول الفيلسوف ألبرت شفايتزر : ” نعيش في عالم خطير فالإنسان حكم الطبيعة قبل أن يتعلم كيف يحكم نفسه “.

يتعب المرء من كل شيء إلا العلم
جميع الحقوق محفوظة لصالح مدونة أيمن الشيخ