التمدن وآداب المكان

ليس هنالك من فرد في المجتمع إلا ويسعى بطريقة أو أخرى إلى أن تكون هنالك آداب لكل مكان من الأمكنة التي يمر فيها أو يستخدمها على الأقل من وجهة نظري إلا أن الجميل أننا نسعى بشكل دؤوب إلى فرض ما نظنه أفضل من وجهة نظرنا فقط دون الحاجة إلى معرفة ماهو الأفضل فعلياً ولكن حقاً لنتساءل ما هي آداب الأماكن التي نحن فيها الآن سواء كان ذلك المكان منزلاً أو مسجداً أو كان ذلك المكان هو الطريق أو العمل أو السيارة أو غيرها من الأماكن التي نستخدمها دوماً وبشكل متكرر وماذا نعرف فعلياً عن آدابها وهل فكرنا قليلاً خارج الصندوق وأعدنا التفكير عن ما يمكن أن نضعه ضمن قائمة تلك الآداب الفعلية حتى نسعى للالتزام به كأفراد ومؤسسات لندفع المجتمع ككل نحو تحقيق التمدن.

ولكن قبل ذلك لنبدأ في تعريف المكان حتى نستطيع معرفة آدابه المختلفة فهل نعتبر المكان كل حيز يمارس فيه الإنسان أي نوع من النشاطات المختلفة كالتعلم و العبادة ومزاولة المهن المختلفة كالبيع والشراء أو الهوايات كالقراءة والرياضة وبالتأكيد غيرها الكثير من النشاطات والتي تمارس سواء كان ذلك داخل المدن أو خارجها ولكن هل نعلم فعلياً ما هي آداب تلك الأماكن؟ وهل إذا شاهدنا تعمداً للإساءة والخروج عن إطار تلك الآداب في بعض من تلك الأماكن كان هنالك رادع قوي يحفظ الصورة العامة للمكان؟ أن وجود ذلك يعني وجود مؤشر هام يدفع بالمجتمع تجاه التمدن وأهميته من خلال ثقافة الفرد تجاه المكان أو ثقافة المجتمع تجاه الممتلكات العامة وأن كان لابد من دراسة بعض السلوكيات العدائية التي تظهر تجاه الممتلكات العامة فلعل من المهم أن يسبقها دراسة لعلها تجاوب عن سؤال واحد وهو هل يعي جميع أفراد المجتمع ما هي آداب الأماكن التي يتواجدون فيها وما هي مسئولياتهم وواجباتهم تجاهها وماذا يعرفون عن حقوقهم سواء المادية أو المعنوية والتي ينتظرونها من ذلك المكان.

أن الكثير من التأمل في تلك العلاقة بين المكان ومستخدميه وقدرتهم على الالتزام بآدابه أي كان ذلك المكان فهذا يعبر عن مدى تمدن المجتمع فعلياً وبصورة واضحة جداً كما أن معرفة الصحيح من الخاطئ في التعامل مع المكان ليس إلا ثقافة تزرعها في المجتمع ولن تكون عبر تشويه الصورة العامة عن المجتمع ككل بكونه غير متمدن نتيجة لنشر صور مخالفة لتلك الآداب العامة أو وضع صور مختلقة تحمل في تبعاتها خطأ التعميم الذي لا يجوز أن يُعبر عنه في واقع أي مدينة بشكل كامل بل أن الطريقة المثلى لنشر ثقافة صحيحة بين أفراد المجتمع هو نشر الصور الإيجابية عن مجتمع المدينة فذلك فعلياً هو ما يحفز بقية أفراد المجتمع على المنافسة تجاه المحافظة على المكان وآدابه وعلى وضع حد أعلى من السلوكيات العامة المقبولة والتي ينفر المجتمع ككل من الخارجين عنها أو المسئولين عن عدم التمسك بها سواء كانوا أفراداً أو مجموعات أو حتى مؤسسات وجهات رسمية.

تذكرة مغادرة : هنالك مثل نمساوي يقول “أن الرجل الأصيل يتحدث دائما بالخير عن المكان الذي أمضى فيه ليلته” .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :