الحركة داخل المدن

تعاني المدن الكبرى من عدد لا نهائي من المشاكل المضنية والمعقدة والتي بطبيعة الحال تنعكس سلباً على ساكنيها فتؤثر على اهتماماتهم وحياتهم سواء كان ذلك التأثير مرتبطاً بالاستمرار بالعيش فيها أو تجاه تأثيراتها السلبية صحيا ونفسياً, ومن تلك المشكلات ما يتأثر بها جميع ساكني المدينة بشكل مباشر ومنها ما قد يقتصر التأثير على مجموعات معينة ومناطق محددة, وتبعاً لحالة كل مشكلة ومدى تفاقمها ونوع وطبيعة المتضررين منها وانعكاسها السلبي يكون من المفترض مستوى بحث ومعالجة تلك المشكلات وايجاد الحلول الفاعلة لها والتي يجب أن ترتبط بأدق التفاصيل وأن تكون عميقة جداً ليكون تأثيرها فعلي وواضح, ومن تلك المشكلات التي تؤثر على ساكني المدن جميعهم هي الحركة داخل المدينة وصعوبة التنقل من موقع الى آخر وكذلك زيادة عدد الرحلات اليومية داخل المدينة واستغراق كل رحلة زمن أطول مع زيادة لنطاق تلك الرحلات في ظل عدم وجود أي خطة عامة للحركة تتضمن مختلف مستويات الحركة داخل المدينة والتي تعنى بشكل اساسي باحتياجات جميع ساكني المدينة وتلبية لمسببات كل رحلة داخل المدينة فغياب تلك الخطة وغياب الربط بين مستويات الحركة المختلفة وإنحسار التفكير على حل لمستوى واحد فقط قد يتسبب بأستمرار وتفاقم مشكلة الحركة داخل المدينة بشكل معقد, فإنتاج تلك الحلول البسيطة والسطحية مهما كانت الأموال المدفوعة لقائها سيكون مع الوهلة الأولى جذاباً ولكنه للأسف غير مجدي وسيظهر ذلك مع الزمن والأولى التدقيق في حالات المدن لدينا كلاً على حدى ليكشف لنا أن تلك الحلول هي حلول مرحلية مؤقتة لا تتضمن مستويات التأثير فيها جميع مستويات الحركة والتساؤل الحقيقي هنا هو هل وجهة النظر التي اقترحت تلك الحلول رأت المشكلة من زاوية المكان فقط وتجاهلت زاوية الاستخدام وهي الأهم والتي هي أكثر شمولاً ودقة في الحركة وهل اشتملت الدراسة على جميع مستويات الحركة داخل المدينة أم ضخمت من مستوى معين ومحدد فقادت الرأي نحو حل ذلك المستوى وحده دون النظر الى مستويات أخرى موازية لا تقل أهمية من عملية الحركة داخل المدينة فخطوط النقل العام تعتبر مستوى واحد من الحركة داخل المدينة ولا يمكن اعتبار ان وجود النقل العام هو حل لكل مشكلة الحركة داخل المدينة بل هي عامل مساعد فقط يسهم في تخفيف تلك الحركة داخل المدن ولمرحلة زمنية مؤقتة.

أن خطواتنا الصحيحة نحو حل ومعالجة الحركة داخل المدن يكون بالنظر في جميع مستويات الحركة والعمل على تحقيق متطلبات كل مستوى ومسببات كل حركة ومن ثم ربط كل مستوى بالآخر من خلال شبكة النقل متعدد الوسائط لتسهم تلك المعالجات في تحديد واكتشاف نقاط الضعف داخل الشبكة سواء حالياً أو مستقبلاً فيكون العمل على دعمها بحسب المستوى الذي يسبب ذلك الضعف لتستطيع المدينة بعد ذلك من تخفيف الآثار السلبية المختلفة كالتأثير البيئي أو الاقتصادي أو غيرها من التأثيرات المباشرة أو غير المباشرة والناتجة عن زيادة الحركة داخل المدن.

تذكرة مغادرة : يقول توماس جيفرسون “ الصدق هو الفصل الأول من كتاب الحكمة ” .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :