مدينة الفرص

لا شك أن هنالك مدن مليئة بالحياة مدن حقيقية وهنالك مدن تشابهها فقط في المظهر الخارجي منها وليست مثلها فهي مدن غير واقعية البتة وتكاد تكون مدن خيالية, فالمدن الحقيقية هي مدن تحقق الرغبات والاحتياجات المتنوعة لساكنيها وتوفر لهم الفرص المختلفة كالسكن والتعليم والصحة على سبيل المثال والتي يطمح لها جميع البشر على حد سواء ولن تتوقف عند ذلك بل ستتفاعل مع ساكنيها لتكون لهم فرص عمل مناسبة تسهم من خلالها المدينة في تعزيز الموارد الاقتصادية لساكنيها وتستمر في تلبية احتياجاتهم ودراسة أوضاعهم المستقبلية أجيالاً متتالية, فتبادر المدينة لتحقق لهم أفضل الفرص والخدمات وتشاركهم في نموها ومستقبلها, هي مدن تعمل بفاعلية وكفاءة من ولأجل ساكنيها وأن حدث خلل فيها او تقصير في تحقيق جزء من ذلك فهي تعمل على توفير البديل المناسب لهم عبر رسم خطط إستراتيجية مرنة لتحقق المراد من وجود المدن أصلاً في تكوين مجتمعات متفاعلة مع المدينة وفي ما بينها البين والا لكانت تلك المدن ليست إلا انعكاسا للمظهر الخارجي لكثير من المدن بشكل يشابه السراب ولأصبحت مدن طاردة تخذل ساكنيها فتأخذ منهم ولا تعطي صعبة المراس والمعيشة بها قاسية جداً في شتى الأمور في ظروفها وفي تعاملها مع ساكنيها وقاسية أكثر تجاه تفاعل المجتمع معها أو في ما بين المجتمع بعضه البعض.

المدن المليئة بالحياة هي مدن قائمة من خلال البشر أنفسهم ,, فليس بتعدادهم تكون تلك الحياة بل بالأنشطة اليومية المختلفة والحقيقية التي تخدم فكرة وجود المدينة وفكرة تفاعل المجتمع معها فتحفز للانضمام إلى روادها من خلال أنشطة متعددة تصب في مجملها لهدف واحد هو تفعيل دور السكان تجاه المدينة بأنشطة لا تأتي بصورة هشة كالمهرجانات الموسمية أو الافتتاحات المختلفة أو الملتقيات والتي ما أن تبدأ حتى تختفي وترحل كومضة ضوء لا تكاد ترى لها تأثيراً على حياة الآخرين بل بأنشطة تمارس بشكل يومي من خلال مجتمع المدينة نفسه ويكون لها نتاج واضح في حياة اهل المدن وتعايشهم ولقاءهم والشعور ببعضهم ودعمهم لبعضهم البعض تحقيقاً لأهداف التمدن من خلالهم.

مدن مليئة بالحركة والنشاط تحقق للجميع بمختلف أعمارهم وأجناسهم ورغباتهم وتتفاعل معهم جميعاً لتحقق لهم فرص متنوعة ودائمة للنجاح والازدهار وتحقيق ذواتهم, مدن مليئة بالمتاحف والمعارض الدائمة والمستمرة التي تعرف الزوار بالمدينة وبعمقها التاريخي وأحداثها وشخصياتها الهامة وتعرف مجتمعها المحلي بعضهم البعض وبتنوعهم وثقافاتهم المختلفة لتصنع منهم مجتمعاً قابلاً للتعايش والآلفة .

لا شك لدي للحظة إنه أن لم تكن المدن مليئة بالحركة والنشاط والفرص وتحقيق اهداف ساكنيها من خلال تفاعلهم ومبادراتهم وأنشطتهم المختلفة والتي ستعود بالنفع عليهم وعلى مدينتهم فهي بالتأكيد ستكون مدينة مليئة بالهراء والذي يأتي بشكل متخفي يصعب معه اكتشاف الحقيقي من المزيف.

تذكرة مغادرة : يقول جورج سانتايانا “الهراء جيد فقط لآن المنطق محدود للغاية ” .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :