التأثر والتأثير في التخطيط العمراني

أفكارنا في العديد من المواضيع لا تخرج عن كونها خبرات ومعارف أتت من خلال تركيز دائرة التأثير علينا والتي نعيشها في العالم ونتعايش معها ونتأثر بها بشكل كبير ولا نعي بوجود تلك الدائرة أساساً وذلك أمر مختلف لما ندعيه دوماً من حرية التفكير والتجربة والتطبيق وأهمية إيجاد حالة خاصة بنا تتعامل مع المعطيات المختلفة والسؤال الذي يستدعى دوماً دون إجابة هو أننا كيف ندعي ذلك ونحن لم نخرج بعد من دائرة التأثر أصلاً ؟؟ دوماً ما كانت أفكارنا البديهية وأبجدياتنا هي نسخ مكررة لأفكار الآخرين وتأثرنا بهم واستمررنا في ذلك بالاعتقاد دوماً بصحة تلك الأفكار دون جدال أو مراجعة أو وقوف على النتائج سوى المطالبة بالتطبيق دون وعي أو إدراك وأن حدث تعديل من قبلنا لم يكن سوى تعديل طفيف لا يمس جوهر الأمور ولا يؤثر في النتائج مطلقاً.

عقولنا أصبحت ضمن سياق متتبع لأفكار الآخرين ممن سبقونا والذين يمارسون تأثيراً قوياً علينا فاعتدنا نحن ذلك وسلم البعض منا بأنها لم تعد هنالك سوى تلك الفكرة الصحيحة المبنية على معارف الآخرين وخبراتهم أو الخطأ المحض ولأن الجميع مندهشون بفكرهم ولا يقبلون بالخطأ أصبحنا نتتبع تلك الأفكار أين ما تسير بنا وكذلك يستمر الأمر بنا ونمضي في العديد من المواضيع المختلفة في حياتنا ليتساءل البعض منا دوماً متى سنكون قادرين على التفكير ملياً بأنفسنا وبأسباب ما نحن فيه ومتى سنبدأ التفكير في استخدام خبراتنا ومفاهيمنا النقية والصافية التي أتت من عميق تجربتنا ودراساتنا وبناء على معلومات نحن من سعينا للحصول عليها ؟.

أن من المواضيع التي نتتبع فيها مفاهيم وخبرات الآخرين هي الأمور التخصصية التي تتقبل أراء مختلفة مثل التخطيط العمراني والتي من الممكن تطوير نظريات ومفاهيم حديثة تستقي من خبراتنا ومعارفنا وتجاربنا وحيث لم نعد نرى في مدننا وأحياءنا الحديثة ما يحكي قصة المكان أو المجتمع الذي يعيش بها كون أن تلك المدن تأثرت بنظريات تخطيطية لم توضع لأجلنا ولم تتعامل مع حالتنا والملاحظ كذلك أنه ومع ازدياد أعداد المختصين في التخطيط العمراني إلا أننا لم نرى أن هنالك من خرج عن سياق ذلك التأثر من قبول تلك الأفكار والنظريات والتسليم بها إلى تطوير نظريات ومعارف جديدة تتعامل مع واقعنا المختلف وتضع لنا فكراً حديثاً يعبر عنا لا عن كثير من الدول والمجتمعات التي نستقطب منها الأفكار فقط .

أن الغالبية العظمى من المختصين في التخطيط العمراني لم يخرجوا بعد من دائرة التأثر التي تحيط بهم إلا أنه أصبح لزاماً التفكير ملياً في احتياجات مدننا ومحافظاتنا سواء الكبيرة أو الصغيرة والبدء في أعداد نظريات ومفاهيم تخطيطية تتعامل مع احتياجات تلك المدن والمحافظات ورغبات ساكنيها بما يحقق للمدن الكثير من الميزات التي من الممكن بناءها على الموارد الطبيعية والبشرية لتلك المدن والمحافظات.

تذكرة مغادرة : تقول الكاتبة سونيا جونسون ” شخص واحد عاقد العزم يمكن أن يقوم بعمل تغيير كبير، ومجموعة صغيرة من الأشخاص عاقدي العزم يمكنها أن تغير مسار التاريخ “.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :