لا شك أن الحديث عن الفنون المعمارية وعن النتاج الإنساني منها عبر الحضارات شيق جدا ولابد وأن ينحو الحديث فيها كثيرا ويتشعب لارتباطها كثيرا بالمجتمعات البشرية من حولها وعلاقتها الوثيقة بالبيئة المحيطة وبالطبيعة الجغرافية للمكان وكل ذلك وأكثر نجده واضحا جليا من خلال ما وصلنا عبر الزمن من تراث عمراني مذهل , ولكن يبقى أن الفنون المعمارية تأثرت بحجم تأثر المعماري نفسه بالبيئة المحيطة به ولابد لمن يقلب صفحات التراث العمراني ويزور مواقعها أن يستشعر حجم هذا التأثير للبيئة المحيطة على المعماري والذي أثرت بطبيعة الحال على العمارة ذاتها ولكي نطلع على قدرة المعماري القديم وذكائه وجب أن ندرس استخداماته من البيئة المحيطة واستفادته من الطبيعة الجغرافية للمكان ومدى قدرته على تطويع البيئة المحيطة والمواد الأولية بها ومدى استفادته القصوى منها وعلى عدة أوجه مختلفة ,, فعلى سبيل المثال نجد أن أحد أهم المكونات البيئة المحلية في المملكة العربية السعودية وأكثر مكونات التراث العمراني وأشدها تشابهاً وتكراراً مع بيئات مختلفة فيها هو النخيل فتحقق للعمارة وللمعمار من خلال النخيل في تلك العصور ما صعب عن تحقيقه في وقتنا الحاضر .
فتعدد أوجه استخدام النخيل ومكوناته في التراث العمراني تبدو كأنها أعجوبة عبرت عن ذكاء المعماري القديم فاستخدم النخلة في الركائز الأساسية الثلاث للفنون المعمارية فكانت كعنصر جمالي جاذب خاصة بما يوحيه شكل النخيل وامتداد السعف وانطلاقه نحو السماء من مركز واحد أعلى الجذع لتشكل قبة خضراء جميلة ومع تعدد أشجار النخيل المتجاورة واختلاف ارتفاعاتها أضاف منظرا جماليا طبيعيا مذهلا يزيدها جمالا ورونقاً إذا ما كانت محملة بالخيرات ولها في ذلك مدلولات اجتماعية متعددة واستخدمت كعنصر وظيفي في الفن المعماري حيث تم توظيفها في إمداد المساحات المفتوحة سواء الداخلية الخاصة أو الخارجية العامة أو الأزقة والممرات بالظلال مما أسهم في خفض درجات الحرارة داخل المنازل والأحياء القديمة ورفع من القدرة على التحرك بين أرجاء المدينة القديمة خصوصا لطبيعة وبيئة المملكة العربية السعودية واستخدمت كعنصر إنشائي أساسي أو ثانوي في البناء والتشييد أن استخدام النخيل في الفنون المعمارية لم يتوقف عند ذلك بل تجاوزه لأكثر من ذلك فطوعها الإنسان بكل مكوناتها لخدمته ومن أجله .
أمنية : النخيل هبة من الله عزوجل ذكرت في القران الكريم ,, هلا نهتم بها كما يجب .
