التراث العمراني والحداثة

الحداثة في الفن المعماري والتي ينقسم عليها المتخصصون الى أراء متعددة بين قبول كامل بما تصنعه هذه الحداثة من عمارة عصرية تلبي احتياجات سريعة وعاجلة وبين رفض كامل لها وتمسك شديد بالتراث العمراني او مع قبول بالحداثة في الفنون المعمارية ولكن مع كسر لهذه الفنون بتلقيمها ببعض التلميحات او الزخارف او الآثار المعمارية من التراث العمراني في مختلف العصور الماضية تأصيلا خاطئا لمبدأ المحافظة على التراث العمراني ولكن حتى يتحقق التوازن الطبيعي والمنطقي بين المحافظة على التراث العمراني بشكله الصحيح والتقدم واستمرار التطور في البناء والعمارة وجب ان نتفهم كثيرا لقضية الابعاد المكانية والزمانية للعمارة القديمة او التراث العمراني كما نعرفه اليوم فهي نتاج سنوات طويلة من التجارب المختلفة وخبرات متراكمة ومتجددة تحقق لها بعدين الاول زمني فتحدد للتراث العمراني العصر الذي تعود له وتحددت لها القدرات الفنية والإبداعية في ذلك العصر او الحقبة الزمنية وكذلك بعد آخر وهو البعد المكاني فحدد لها التعامل مع البيئة المحيطة ومع امكانيات الموقع ومواده الأولية ومحدداته الطبيعية وتضافرت للمعماري او المخطط الفذ كلا البعدين فنتج لنا تراث عمراني دائم ومستقر بصورة متميزة وغير مكررة وذلك لتحقق البعدين المكاني والزماني وتفاعلهما مع المعماري او المخطط .

ولذلك فأن أي محاولة لاستعادة التراث العمراني او الاقتباس منه او التطوير عليه او الترميم له وصيانته لابد وان تتماشى مع البعدين الزماني والمكاني لتحقق الاستفادة القصوى والفعالية الأمثل من خلالها فتحقق من خلال البعد المكاني الملائمة التامة للموقع من خلال تطوير المواد الأولية والطبيعية الموجودة بالموقع والاستفادة من المحددات والامكانيات الطبيعية له وتحقيق ذلك من خلال البعد الآخر وهو البعد الزمني في عملية تطوير مستمر للمواد الاولية الموجودة بالمواقع للاستفادة منها في عدم تشويه التراث العمراني كحضارة سابقة او تشويه الحضارة المستقبلية الذي نعزم على تركه للأجيال القادمة .

 ان مسالة البعدين المكاني والزماني في الحداثة والتراث العمراني لم تكن غائبة عن اذهان الكثير من المهتمين بالتراث العمراني من معماريين او مخططين ولكن مسالة اسقاطها على الزمن الحاضر ومن خلال تجارب حية وتطويرها والاستفادة منها بالشكل الامثل هو ما افتقد بشكل واضح .

أمنية : ان لا نرفض الحداثة فقط لأنها لا تناسبنا اليوم ولكن لنجعل منها حضارة تحكي عن حاضرنا في المستقبل البعيد.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :